... وكُنتِ أنتِ الآن والمابَعد |
من أين يأتي كل هذا الغمْر? |
من أين تنبع نار هذي العاصفه? |
فيضٌ من الإشراق يغمرني... يزلزل في كياني |
فجرٌ تفتقَ من سناءٍ أين منهُ النورُ منهلاًّ تقطَّر من صفاءِ شُعاعةٍ |
عذراء في بال القمر? |
فجرٌ تدفَّق بي.. ارتعشتُ من الفجاءة كم كثيرٌ صوتُهُ في صبح |
أعصابي وفي ليل انكساري |
أين استعدَّتْ بي عصور من صهيل الوهج كيف تمكنتْ مني ولاذتْ |
كيف حافية تعشعش في انتظاري? |
وإلامَ |
كان السرُّ يندهني إلى اللاوعي يوقظ بي شرارةَ ذلك البركان لم أكُ |
واعياً كم كان يهدرُ في سكوتي? |
نفقٌ... |
وكنتُ إخالني أمشي إلى زنزانةٍ فيه ولا إطلاق لي |
نفقٌ... |
ومطّ اليأس فيه تعنقدتْ باقات ضوء هاهنا أو هاهناك وإنما ظلت |
ضئيله |
نفقٌ... |
وليَّل عتمه لم تشْفِهِ نجمات رؤياه البخيله |
نفقٌ... |
وليس له سوى الماضي وتذكارات برقٍ لم يعمّر كي يصير إلى هديرْ |
نفقٌ |
وكدتُ أغوص في يأسي وأحمل طعمه قدراً يهيئني إلى الليل الأخير |
نفقٌ... |
ولم... |
حتى أتيتِ فكنتِ أنتِ الآن والمابعد |
وانهدرتْ مواجع ذلك التذكار في الماضي وغاص العتم في الماضي إلى أمس الرمقْ |
فجراً أتيتِ فألف طوبى آهِ كيف تبدد التذكار وانكسر النفقْ |
فجرٌ كأنتِ |
إذا أضأتِ الفجر من عينيك ينهلاّن آناً زرقة البحر الوسيع وآنةً من |
خضرة المرج استعدَّ إلى الربيعْ |
آهٍ أتيتِ |
فأطفئي نبضاً تعثّر قبلكِ انطفأتْ جوارحه ولم يكُ قابلاً لدمٍ جديد |
يا قدس ما آمنتُ فيكِ ليبرأ الجرح المعنكبُ في ضميري من عهود |
آهٍ أعنيِّ |
كان بي إثمٌ يحطّ على المواجع خلْتُ فيه البلسم المرصود لي |
إثمٌ ورثتُ صداه من حبٍّ وهمتُ بأنه الحبّ |
اغفري لي أنني استسلمتُ |
آهِ أتيتِ |
آهِ أتيتِ |
طُوبى لهذا الحب ضوَّأَ لي مدى الإيمان في قلبي |
وأني بعدُ أقدر أن أعيشَ وأن أحبّ |
وليرتعشْ بدمي صراخٌ منذ أنتِ يضجّ بي |
"... وعلى اسم الرجِّ الهادر في أعماقي صحوة ربّ |
أني اليوم عرفتُ الحب..." |
آهٍ أتيتِ خذي سكوتي فجّريه إليكِ بركاناً ولا يقف الدوارْ |
وليبق صوتك عاشقاً ينهلّ في قلبي فتنكسر المسافة بين ليلي |
والنهارْ |
آه احمليني فيك... علّي بعدُ علّي, كلما نعلو إلى الأبعاد يزداد |
الخطرْ |
وأنا المشلّع قبل نفخكِ بي حياة الروح لُمّيني فلا يقف العلوّ ولا أعدْ |
تحت المطرْ |
وأنا المشرد قبل جئتِ إلى حياتي: نبضةً, أمّاً, حبيبةَ عمرِ ما يبقى |
من العمر الذي ما كان قبلك عمره إلا جليداً شاده برد السنين |
آهٍ أتيتِ |
وتطل شهقة رعشة تنسلّ من شبق الحنان |
وتغلّ فيها شهوة الروح النقية لا كباح لما لديها من جموح |
وليدفق الإشراق يغمرنا بهذا الفجر منك يهلّ يولد في القصيده |
هذي لنا من رحمك القدوس قطّرْتِ القصيده |
من أين يأتي كل هذا الغمر? |
من أين تنبع نار هذي العاصفه? |
فيضٌ من الإشراق يغمرني... يزلزل في كياني |
هذي أتيت... |
فأنتِ عمر الآن والمابعد |
وليبدأ زماني. |