إدفيك جريديني شيبوب

1423-1338هـ 2002-1919م

سيرة الشاعر:

إدفيك جريديني شيبوب.
ولدت في بلدة الشويفات، وتوفيت في بيروت.
عاشت في لبنان، والعراق، وبريطانيا.
تلقت تعليمها في الكلية الوطنية بالشويفات، قصدت بعدها بيروت حيث درست مدة عامين في الجينور كولدج الأمريكية، وتخرجت فيها (1934)، ثم لحقت بوالدتها في العراق حيث تزوجت (1940) وعادت بعدها إلى طرابلس (لبنان).
التحقت بالجامعة الأمريكية ببيروت وحصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية، وتابعت دراستها العليا (1951) وحصلت على الماجستير من الجامعة نفسها (1969) عن موضوع «سعيد تقي الدين حياته وأعماله الأدبية» (نشرت عام 1980).
عملت في الإذاعة اللبنانية (1946) مذيعة وقارئة لنشرة الأخبار، ومقدمة لعدد من البرامج ذات الطابع الاجتماعي، مدة ثلاثين عامًا.
تولت رئاسة تحرير مجلة «دنيا المرأة» (1951 - 1966).
كرمتها جريدة التايمز البريطانية باستضافتها مدة شهر بوصفها إحدى أبرز الشخصيات التي زارت بريطانيا (1962)، واستضافتها الحكومة الأمريكية في إطار نشاط منظمة النساء الأمريكيات بالإذاعة والتلفزيون مدة 70 يومًا.
مثلت لبنان والمجلس النسائي اللبناني في عدد من المؤتمرات الدولية.
أسست روضة أطفال نموذجية بالاشتراك مع جامعة نساء لبنان.

الإنتاج الشعري:
- لها ديوان: «بوح» بمقدمة للشاعر سعيد عقل (1954)، وديوان: «شوق» (1962)، وقد أعادت الجامعة اللبنانية طبع الديوانين (1975).

الأعمال الأخرى:
- من اعمالها «ذكرياتي مع جبران» كما رواها للمؤلفة رائد النحت في لبنان يوسف الحويك، تُرجمت الذكريات إلى الفرنسية عن دار Fam 1995، و«الطبيب الصغير» 1963 (قصة تثقيفية للأولاد)، و«الحرف الشعبية في لبنان» 1964، و«سيرة شكري حنا شماس» 1972، ترجم إلى الإنجليزية 1979، و«العنبر رقم 12» (مجموعة قصصية) - مؤسسة نوفل 1979، وترجمت أربعة كتب عالمية أحدها للكاتبة بيرل باك، وآخر للكاتبة دوري فاناوران، وآخر لاينا سيتون صدر عن دار الثقافة - بيروت 1958، ولها تحت الطبع «البيت الدافئ» (ستة أجزاء) - والحركة الشعبية في لبنان.
شاعرة وجدانية، تشكلت تجربتها التعبيرية طارحة الكثير من الحالات الإنسانية في إطار عاطفة الحب وتجلياته الذي يأتي مصداقًا لعنوان ديوانها «بوح» مستلهمة الكثير من تجاربه في شوقه للحياة وتكبده مشاق الحلم والتوقع والانهزام.
اهتمت بالصورة على حساب الوزن والقافية. جاءت قصائدها تشكيلاً من الصور واللوحات الشعرية.
قلدها مدير الإعلام شارل رزق وسام العام (1968)، ونالت الميدالية الفخرية المذهبة، ووسام المروءة والشرف لصمودها في الإذاعة اللبنانية أثناء الأحداث (1958)، ومنحها الرئيس سليمان فرنجية جائزته التقديرية على أعمالها الأدبية ونتاجها الإعلامي والثقافي (1974)، ونالت وسام الأرز من رتبة فارس (1968)، ووسام الأرز من رتبة ضابط (1985)، وتسلمت درع (علم الثقافة) من الحركة الثقافية في طرابلس (1997)، ودرع أم العام (1999)، ودرع جمعية اللبنانيات الجامعيات (1999).

مصادر الدراسة:
1 - إملي نصرالله: نساء رائدات في الشرق - دار الكتب الحديثة - بيروت 2001.
2 - منتديات مارمريتا على شبكة الإنترنت: ..

في العاصفة

عواصف ثلج، ورعود
ما كانت قطُّ في البال، ودنيانا، بعد خريف
ما رأت عيني، مذ وعيت، كهذا العصف الصاعق
يزرع الرعب في أرضنا، وكانت إلى حين، صحوًا وشمسًا!
يُجنّ جنونُه في السَّهل
يباطح شجراتِ الزيتون الوداعة، يُطوِّح غصونَها،
ويصرع حبّاتِها
يهوِّل على الوديان، حشرَجةً وصَخبًا،
ويفيِّق السواقي، ولولةً ونحيبًا!
ويُجَنُّ في الجبل،
فيُعمي صغار الراعيات
تسوق، على وجلٍ، إلى الزَرْب،
مع طنين الجلاجل، وثُغاء الحناجر،
خِرافًا وَمَعزًا هَلْعى لفرقة المرج،
ولفرقة النبتة الطرية، ودمعة الماء في فجوة الصخر!!
ويُجَنّ في المدينة
فتهرع الحلوة إلى شُبّاكها، ملهوفةً،
ترد على كتفيها شالها الأزرق
عينُها على السماء، في غضبتها العظمى
وعلى الروابي البعيدة، في غمرة الضباب
تُرى ، هل طمر الثلجُ المتهالك، تلك المسالك
فلا يجيئها حبيبها ، يسعى
ملءُ عينيه ارتعاشات شوق،
وملءُ يده، ضمّةٌ راجعة، من سوسنِ الحقل، هديته إليها؟
ترى، من آوى حبيبها من وجه العاصفة؟
ونَشَّف من قطرات الماء، شعره؟
هل ذبلت زهرات السوسن من ضغط أصابعه؟
وهل احترقت، في الصقيع، من لفح أنفاسه؟

الثمرة المحرمة

شهيّةٌ حمراءُ، هذه الثمرة
شميمها يُفيِّق خُضر المنى ويُرونقها
فتجتاح النفسَ نعشةٌ طافره
هذه الثمرة الحمراء
في زوغان الرغاب تهلّ
على الشفة الراعشة، وعلى رَفّة الهُدب
أتراها دعابة بريئة، أم مراودة؟
أمن مجاهل الإثم الظَّنون،
أم من شطط الخيال الجامح - خيال شاعرة
تُضِلّها رَفّة هدبٍ ورعشة شفة
لا، هي الثمرة المحرمة
جِنِّيةٌ ثائرة،تزغرد تزعق
في عروقي، في دمي
تهزّني تدوّخني تخدّر حواسّي
بالفأس تنهال على مُثُلي العليا،
خَبْطًا عنيفًا طائشًا
تهدّم قصورها المرمرية الفخمة،
أكاد من فرط جنونها أصعق،
وأضيع، بين أمسي ويومي وغدي
وفي هروب الحُلم،
أوشكُ أن أُدنيها من فمي
لا ، هي الثمرة المحرَّمة

سنتاكلوز

أتذكر يا قلبي تلك الليلة من فجر طفولتي
إذ السماء في غضبتها الكبرى
ورعود المطر، ترشق الغيوم بكُراتٍ من نار؟
لم يكن في السماء ثمةَ نجمةٌ سافرة!!
منذ حين، كانت أمي في غرفتنا - أنا وإخوتي -
هدَّأتْ من روعنا،
دثَّرتنا في أسرّتنا
مسحت بشفتيها جباهنا،
وتوارت مع قنديل الزيت، يتبعها ظلها
يا للنوم الهيّن يأبى أن ينقاد لي بالسهول المعتادة
إنها ليلة الميلاد
و«السنتاكلوز» العجوز في رحلته السنوية إلى البيوت
ينفض ذراتِ الثلج عن جُبَّته ولحيته،
يحدب على الصغار، يحشو جواربهم هدايا وحلوى
ماذا سيحل «بالسنتاكلوز» في هذا الإعصار المجنون،
والسيولُ على الدروب فوران أمواج؟
أتراها تبتلّ لعبتي الصغيرة،
ويتلف فسطانها الوردي؟!
في غمرةٍ هواجسي مرَّت فترةٌ طويلة،
إذا خُطًى تقترب
عصرت عينيّ، وطمرت رأسي حتى الشعر
ومن خلال لهاثي ودفق خفقانك يا قلبي،
سمعتُ السنتاكلوز
سمعته يفرغ أكياس الحلوى في جواربنا وينفخ البالونات
وأحسست بثقل العلبة على وسادتي،
يا لَـحلاوة خشخشتها على أذني!!
لحظات حسبتها دهورًا،
قفل بعدها السنتاكلوز، عائدًا من حيث أتى!
«ماذا، لو تزوّدت من الضيف الجليل بنظرة واحدة»، قلت؟؟
ومن خلف أهدابي الراجفة،
استرقت لمحةً خاطفة
يا لَهول ما رأيت!!
أتذكر يا قلبي عظم الصدمة التي ارتطمتَ بها؟
قُصورُ أحلامك العاليات،
تداعت كلها دفعةً واحدة!!
ذلك أنني عرفت من يكون السنتاكلوز!،
ومن يومها، في ذهني،
انطفأت روعة الأسطورة