علي عبدالقيوم

1419-1362هـ 1998-1943م

سيرة الشاعر:

علي أحمد عبدالقيوم.
ولد في قرية القرير (شماليّ السودان)، وتوفي في مدينة أم درمان.
عاش في السودان، والكويت، وبولندا، وقبرص، ومصر، والأردن.
تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدينة ود مدني، والثانوي في مدرسة أم درمان الأهلية، ثم التحق بجامعة الخرطوم وحصل على ليسانس الآداب، ثم قصد
بولندا واستكمل دراسته العليا في الإخراج السينمائي.
عمل موظفًا للعلاقات العامة بمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية في
دولة قطر، كما عمل مترجمًا وكاتبًا لسيناريو الأفلام الوثائقية في عدد من المؤسسات العربية في الكويت، منها: معهد الكويت للأبحاث العلمية، ثم تولى رئاسة وحدة الإنتاج بمؤسسة السينما السودانية (1981 - 1983)، كما تعاون مع شعبة الإعلام بمعهد الدراسات الإضافية بجامعة الخرطوم، وتصدّى لتدريس تاريخ ونظرية السينما والنقد التطبيقي بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح.
كان عضوًا بجماعة أبا دماك بجامعة الخرطوم، وعضو جماعة الشعراء والكتّاب التقدميين.
مثّل بلاده في مؤتمر الكتّاب الأفروآسيويين في نيودلهي (1970)، ومثّلها في لجنة الثقافة السينمائية بالكويت.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «الخيل والحواجز» - دار قضايا فكرية للنشر والتوزيع - القاهرة 1994.

الأعمال الأخرى:
- صدر له مسرحية «عشرون عامًا على محاكمة صديق»، وفيلم «أربعة أيام في جزيرة سعاد».
شاعر اعتمد نظام قصيدة التفعيلة إطارًا فنيًا لتجربته، نظم في عدد من الموضوعات، من أظهرها الموت الذي يمثل الموضوع الأثير لديه، وقد توزع على مساحة كبرى من قصائد ديوانه الوحيد، راثيًا ومفلسفًا الموت باحثًا عن تباشير الحياة عبر النضال، ومن ثم تجلّت مفردات الموت وصوره، وفرض مفرداته على معجم قصائد الشاعر:
«الموت»، «قتيل»، «بكائية»، «اليتامى»، كما طرح المعجم نفسه على عناوين القصائد: كما في قصيدته: «الموت فوق صدرها»، و«بكائية على المك»، اتسمت لغته بالقوة وأسلوبه بالإحكام ورؤيته بالعمق وصوره بالجدة.

مصادر الدراسة:
1 - إسماعيل علي الفحيل: من ترى أنطق الحجر؟، علي عبدالقيوم 1943 - 1998 - مطابع الراية - الدوحة 1999.
2 - الدوريات: كامل عبدالماجد: ثرثرة وذكريات: من أنطق الحجر.. الذكرى
الثامنة لرحيل الشاعر علي عبدالقيوم - السوداني - العدد 561.

ما أشبه العشاق بالأنهار والأسرى

في آخر الليل الذي أسرى
دلفَ الجنودُ بجثتين إلى الجبّانةِ الكبرى
الجثة الأولى
جسدٌ نحيلٌ خْلتُه جسدي
فوجدتُه بلدي
لا فرقَ يا مولاي بين النهر والمجرى!
والجثة الأخرى
جسدٌ نحيل خلته ولدي
فوجدته جسدي
لا فرقَ يا مولاي بين الموت والميلاد والمسرى!
مولايَ يا مولايْ يا بلدي ويا ولدي
يا أنت يا زادي ويا عَضُدي ويا سندي
أسرى بنا عشقٌ لجراحنا أسرى
فاحمِلْ صليبك صاعدًا
متحدِّرا
كالنهر في المجرى
واحمِلْ معي بلدي
متحمّلاً كمدي
يا أنت يا نبْت الجراح الغِرِّ يا ولدي
واملأ عيونك بالأصيلْ
وقد كسا بدمائه أفق الفجيعةِ
مدهشًا ظلماتها
سيفًا أضاء ببرقه ديمومة الذكرى
واشعِلْ ضميرك بالأحزان يا أملي
وحدّثْني
عن لحظةٍ حبلى
حظِيَتْ بأحلام القرونْ
توهَّجت آفاقها
بالمجد والبشرى
يا أنت يا طفلَ الجراح البكْرِ
يالهف المواعيد
توِّجْ فؤادك
- غِبَّ اليأس -
بالإنشادِ
يزحم ساحة العيدِ
لا فرقَ يا مولايَ
بين العاشِقَين الكاظِمَين الوجد والأسرى
فانهضْ فديتك مثل النهر في المجرى
واشبعْ بلادك من أشعارها شِعرا
لا فرقَ يا مولاي بين العاشقين الكاظمين الوجدَ والأسرى

لماذا جرى ما جرى؟

في رثاء عبدالرحيم أبوذكرى
أتعلمُ أن طيورَ الذُّرا يا صديقي
أضاءت بدمعات حسرتها كهف حزني
كأني بها قد تمنَّتْ
لتُهرَع نحوكَ
ناشرةً تحت ظلِّكَ
مهدًا من الريش والثلج والأقحوانْ
كأني بها قد تمنَّت
لوَ انك عاتَبْتها
لترفعَ عنكَ
عَناء الزمان وبؤس المكانْ
كأني بها وقد طوَّفتْ
بأشرعة الفقد فوق المدى
تناءت عن الأرض نافرةً
تُلاعِنُ فيها الأسى والسُّدى
كأني بها يا صديقي
وقد أدمن العاشقون السُّرى
أضاءت بشمعات أحزانها كهف حزني
ويا ويحها طاش منها جناحٌ نفورٌ
وظلّت مع الريح تبكي
تغنّي
تمنَّت طيور الذرا يا صديقي كثيرًا كثيرًا
وهيهات هيهات يجدي التمنّي

أذان المطارق

على المدى
امتزج العويلُ بالحِدا
وانصهر الصهيل بالتكبيرِ
في «شيكانْ»
وهاهنا
نوَّرتمُ جدار قبة المهديِّ في أم درمانْ
وترجعون في الصباح رائعينَ
مثلما ذهبتمُ
وإن تكوَّرت ذبابةٌ هزيلةٌ
كسيرةُ الجناحِ
فوق ساحل القمرْ
ما ضرَّ أن يواصل الصغارُ
فرحة الغناء والضجيج والسمرْ
أحبتي هذا الغناء فاترٌ شحيحْ
ونحن لن نموت في انتظار الغائب المسيحْ
ففي غدٍ تؤذّن المطارقُ
وتستحمّ فوقنا البيارقُ
بالنور والدماء والمطرْ
وإن تكوَّرتْ ذبابةٌ هزيلةٌ
كسيرةُ الجناح فوق ساحل القمرْ
ما ضرَّ أن يواصل الصغارُ
بهجة الغناء والضجيج والسمرْ