أمين الريحاني

1359-1293هـ 1940-1876م

سيرة الشاعر:

أمين بن فارس بن أنطون بن يوسف بن عبدالأحد البجّاني الريحاني.
ولد في الفريكة (لبنان)، وفيها توفي، وبين الميلاد والرحيل جاب أنحاء وطنه، لبنان، وفلسطين، والعراق، ومصر، والجزيرة العربية، واليمن، والمغرب، والأندلس، والولايات المتحدة الأمريكية، وإنجلترا، وفرنسا.
عمل في التجارة في نيويورك في مطلع حياته، وكان هاجر إليها في الحادية عشرة من عمره صحبة عمه، وأولع بالتمثيل، ولحق بإحدى فرقه في الولايات المتحدة الأمريكية.
قام برحلات طويلة بين أرجاء عدد من الأقطار العربية، أما رحلاته بين وطنه وأمريكا فتكررت ثماني مرات في حياته.
عضو مراسل في المجمع العلمي العربي، بدمشق 1921، وكان رئيس شرف لمعهد الدراسات العربية في المغرب (الإسباني).
حفظ الكثير من شعر المعري وترجم بعضه إلى الإنجليزية.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان «هتاف الأودية» - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1986.

الأعمال الأخرى:
- له أعمال ومؤلفات كثيرة منها: «وفاء الزمن» - بيروت - مطبعة البلاغ 1935، و«سجل التوبة» - دار المعارف - مصر 1951، و«خارج الحريم أو جهان» - صادر وريحاني - بيروت 1943، و« المحالفة الثلاثية» - مطبعة الهدى - نيويورك 1902، وله خطب نشرت بعنوان: «ثلاث خطب في نار المراقبة ونور الدستور» - بيروت 1908، و«ملوك العرب» صادر وريحاني - بيروت 1951، و«فيصل الأول» - مطبعة صادر - بيروت 1933، و«قلب العراق» - مطبعة صادر 1935، وغيرها.
شاعر غير تقليدي، جدد في بنية الشعر، وفي مفهوم الإيقاع، متطلعاً إلى الشعر الغربي، صاحب خيال قوي، يعتمد على تصاوير مادية معبرة، ويرسم مشاهد ذات
نزعة سردية وحضور مشهدي، لعله كان يبشر - في غير سياق من الزمن ومنطق التطور - بصيغ شعرية تريد أن تكون، ولم تكن الثقافة الشعرية في عصره متأهبة لتقبل هذه الوثبة. قد تتخايل في رؤيته الشعرية مواقف اجتماعية وأفكار ومبادئ سياسية على قدر من الجرأة.

مصادر الدراسة:
1 - ألبرت الريحاني: أين تجد أمين الريحاني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1979.
2 - رئيف خوري: أمين الريحاني - دار القارئ العربي - بيروت 1948.
3 - سامي الكيالي: أمين الريحاني - المطبعة المارونية - حلب 1948.
4 - مارون عبود: أمين الريحاني - دار المعارف - القاهرة 1952.
5 - محمد حسين آل كاشف الغطاء: المراجعات الريحانية - المطبعة الأهلية - بيروت 1913.

عشية رأس السنة

قُمْ أيها الناعسُ المتقاعس، اليائس من الحياة
قم أيها البخيل النائم على الصكوك والأوراق
قم أيها المقامر العبوس المكتئب
قم أنتَ أيها المسرور المحبور المبتهج
قم أيها الساخر بأفراح الشعب
انهضوا من رقادكم، اخرجوا من سجونكم
أطلقوا النفسَ من قيودها
أحيطوا بهذا الجسم النحيل، أعطوني أيديكم ولا تخافوا
تعالوا معي ولا تأسفوا على شيءٍ فات أو مضى
اسمعوا اسمعوا، إن الأبواق تناديكم
والأجراس تستقبلكم والليل يبتسم لكم
أزاهرُ أيار لا تُبهج النفس كأزاهر هذه الأنوار
من أصوات السرور في الليل يُنوّر الأثير في الفضاء
وتُزهر جنان الجوزاء
تعالوا معي إلى أجمل جادة أريكم جمعًا عجيبًا من البائسين والبائسات
يموج كالبحر الهائج ويهتف هتافًا عظيمًا جميلاً
في هذه الليلة يخرج الغني من قصره والفقير من كوخه
والبائس من سجنه والعبد من قيوده
في هذه الليلة يتحرر الإنسان
إليكم أيها الساخرون بأفراح الشعب
تعالوا معي إلى الملاهي تروها مهجورة
إلى رِداه الرقص تروها مظلمة
إلى مجالس الأنس تروها فارغة
إلى بيوت الشعبِ تشاهدوها مزينة بأغصان النخل
والشربين وبالأنوار الصينية الملونة
في هذه الليلة يتحرر الإنسان

رماد ونجوم

تحت الرماد وفوق النجوم
مالا يُرى من حياة تدوم
فضيلةٌ تجرّ أذيالَ الفخر والتبجُّح
في أزقة الرياء وأروقة الورع والقداسة
رذيلةٌ تقضي حياتها في ظلمات السكون والكتمان
وراء ستار الخمول والنسيان
كرهتْ الأولى نفسي وحنّ إلى الثانية فؤادي
في الصعلوك نفسٌ تكبر إذا انطلقت من القيود والأغلال
وفي الـمُلْك نفسٌ تصغر إذا جُرّدت من تُرّهات الأبهة والإجلال
إلامَ نُميل وجهَنا عن الفقراء الأذلاء
ونعفّره أمام الأغنياء والأمراء
احذروا من تكرهون ومن تحبون
من تحتقرون ومن تجلّون
لعل عِلْية القوم أدناهم
إذا تعرفون الحق فتعبدون
تحت الرماد وفوق النجوم
مالا يُرى من حياة تدوم

بلبل ورياح

في القفص يغرد البلبل
وفي الأودية تولول الرياح
الأشجار تنثر أوراقها على أزاهر تموت في الحقول
من اليمِّ يتصاعد الضباب
فيثير في قلب الآفاق أشجانًا تسوقها رياح تذيب السحاب
أراها ثائرة حول صِنّين فيُسمعني الوادي صدى نشيدها
وأرى أوراق الغاب على صدور الرياح فيسمعني الحب صدى آمالها
وأرى زجاج النوافذ وقد قبَّلها الشتاء فيسمعني الليل بكاءها
ويريني الفجر دموع أسرارها
إنه ليوم السكينة ليله وليل أعاصيره سويَّان
وصوت النَّعي وصوت البشير فيه شبيهان إنه ليوم سكينته من القبور
وصراخه من أعماق قلب الديجور
في الأودية والأحراج وفي السهول والجبال
تتقطَّع أنامل الطبيعة في نول آمالها
ويذوب قلبها على مذبح جمالها
في القفص يغرِّد البلبل
وفي الأودية تولول الرياح

النسر العربي

حلَّق النسر في الفضاء بعيدا
رجع النسر في الفضاء شهيدا
نسر العروبة مدرجه السهول
ومشحذ جناحه جبال الرسول
نسر العروبة حبيب الحرم، وربيب البوادي
البادية مرضعته، والخيام مأواه
الرمال فراشه وملعب صباه
نسر العروبة في حمى الحرية
طليق جريء، وديع أبيّ، أنيس وفيّ،
نسر العروبة في ظلال قدسية
شفيق كريم، طهير حليم، قوي تقي
تبارك الحمى، وتباركت المرابع والرمال
تبارك الإرث، تباركت الخصال

رماد ونجوم

تحت الرماد وفوق النجوم
ما لا يرى من حياة تدوم
فضيلة تجرّ أذيال الفخر والتبجُّح
في أزقّة الرياء وأروقة الورع والقداسة
رذيلة تقضي حياتها في ظلمات السكون والكتمان
وراء ستار الخمول والنسيان
كرهت الأولى نفسي وحنَّ إلى الثانية فؤادي
في الصعلوك نفسٌ تكبر إذا انطلقت من القيود والأغلال
وفي الملك نفسٌ تصغر إذا جُرِّدت من تُرّهات الأبّهة والإجلال
إلامَ نميل وجهنا عن الفقراء الأذلاء
ونعفّره أمام الأغنياء والأمراء
احذروا من تكرهون ومن تحبون
من تحتقرون ومن تجلّون
لعل عِلية القوم أدناهم
إذا تعرفون الحق فتعبدون
تحت الرماد وفوق النجوم
ما لا يرى من حياةٍ تدوم