سحابة الحضر |
وحدي في الحضر |
مرثية كبيرة من حجر أَضيعُ في سطورها |
أمشي على حوادث غابرةٍ ليس سِوى قدر |
تيبست قشرته, نام على قدر |
مدينة هذي وهذا عالم |
وكان فيه فرح وغيرة وحبُّ أخرى |
وانتظار مطر, |
ليس سوى سماء |
فارغة, |
ليس سوى الجدران في العراء. |
عيناك من حجر |
ثابتتان أيها المحارب القديم فوق ساقه تميمة |
امرأة تعلقت بساقه واستسلمت لقدر مرتحل |
ناشفة تموت دون نسغ |
نظرتها تلمس روحي |
وجهها ممتلئ محبة |
وبسمة مهمومة تنام في الحَجَر |
أهكذا إذن? |
نهدان عاريان في الزمان وانطباق فخذين على أسى: |
(ما بين أن نكون أو نرحل نكتفي ألم |
يأكلنا التشبث الراعش باللحظة |
حتى نقطة الرحيل |
لا أحد يعرف كم عذاب غيره |
لا يعلم القتيل بالقتيل). |
أمسك رأسي, إنني هنا |
علامة موجعة, سهم إلى حياه |
أصغي إلى شيء من الصوت, إلى نداء |
أسمع خطواً عابراً: زحف إلى الأبد |
يدخل في المغيب: |
بين حجار الحضَرِ, المواجهات صعبة: |
كلب بعيد خلفها يركض غير آبه |
وراءه الخرائب المدمرات وأمامه السهوب.. |
انتهت السَّوْرَةُ, |
قرَّتْ شقشقات الزمن المضطرب, |
الخيول نكَّسَتْ |
رؤوسها, |
ثم ثوت نافقةًً, |
عيونها مفتوحة بيضاء للنار التي في |
آخر النهار. |
في الحضَرِ الأرض بلا ماء ولا دم, |
لا مجد لا اندحار. |
هذا سكون أشهب والغزوات أبقت الحجار. |
أرى لهذي المرأة |
التي ماتت من الظمأ, |
وأبقت ابتسامة مخجلةً, |
أرى لهذا الحجر الواقف, كان رجلاً يحمل نار روحه |
مضطرباً يحار في وقدتها, |
أرى إلى الزمان سره في صمته |
يدبُّ مثل دودة |
من حجر يتلفه |
لحجر |
يتلفه |
لحجر.. |
أسحب منه قدمي |
سحابة صغيرة في آخر الأفق |
تصحبني من زمن, وما انتبهتُ, |
هذه السحابه! |
الحائط البعيد آخر الحضر |
تنسلُّ عنه الشمس, |
ظَلّ واقفاً |
تأكل من أكتافه الرياح |
ظل رجال ينظرون لي بلا كلام |
وجوههم حجر |
ثيابهم حجر |
سيوفهم وصوتهم حجر |
لا قدرة بعد على الغيظ ولا الغضب |
ترجَّل الجميع |
والرياح وحدها |
المطلقة العنان |