لطفي عبداللطيف

1427-1361هـ 2006-1942م

سيرة الشاعر:

عبداللطيف سليمان حسين.
ولد في تونس (العاصمة)، وتوفي في مدينة طرابلس (ليبيا).
قضى حياته في تونس وليبيا وفرنسا.
تلقى علوم المرحلتين الابتدائية والإعدادية بتونس، ثم سافر إلى ليبيا وأكمل دراسته هناك، ثم أوفد في بعثة إلى فرنسا فدرس اللغة الفرنسية والصحافة.
بدأ حياته العملية سكرتيرًا لتحرير مجلة «الفكر الثوري» في ليبيا، ثم أوفد للعمل في بعض الدول الأفريقية، كما شغل منصب مدير المركز الثقافي الليبي في تونس، وكذلك عمل لمدة في الجامعة الإسلامية، ثم عمل محررًا في جريدة «الحرية».
كان عضوًا برابطة الأدباء والكُتّاب الليبيين بطرابلس.
شارك في كثير من الأمسيات الشعرية بمختلف البلدان التي عاش فيها.

الإنتاج الشعري:
- له عدة دواوين منها: «الخريف لم يزل» - دار مكتبة الفكر - طرابلس ليبيا /1967، «أكواخ الصفيح» - دار مكتبة الفكر - طرابلس/ ليبيا 1967، و«حوار الأبدية» - دار مطبعة لبنان للطباعة والنشر - 1969، و«دمعة الحادي» - الشركة العامة للنشر والتوزيع - طرابلس/ ليبيا 1975، و«قليل من التعري» - الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع - طرابلس/ ليبيا 1999، وله ثلاثة دواوين مخطوطة هي: «ويكان» و«ألفان» و«ثمالة من الغزل» وله قصائد مفردة مخطوطة لدى أسرته.

الأعمال الأخرى:
- له عدة مقالات أدبية نشرها في بعض صحف ومجلات عصره مثل: مجلة الفكر الثوري، وجريدة الحرية، وجريدة طرابلس الغرب.
شاعر حديث، جلّ شعره من الحر التفعيلي، أكثر صوره ممتدة، في شعره طابع سردي يتنقل بين المعاني المختلفة في سلاسة ويسر، فهو يتسم بالتدفق وقوة التعبير ووضوح الرؤية الشعرية، يستمد كثيرًا من صوره عبر ممارسات الواقع وتغيرات الأيام ومشاهدات الحياة اليومية، فيتسم بالحيوية والتنوع وعمق المعنى وفصاحة التعبير، في «قليل من التعري» رؤية فلسفية إذ يلتقي النقيضان، وهذا المعنى نفسه يسري في «إلى جنين».

مصادر الدراسة:
1 - قريرة زرقون نصر: الحركة الشعرية في ليبيا في القرن العشرين القضايا والاتجاهات - رسالة مرقونة بجامعة عبدالملك السعدي - تطوان/ المغرب 2000.
:الحركة الشعرية في ليبيا في العصر الحديث - دار الكتاب الجديد المتحدة - بيروت 2004.
2 - دليل المؤلفين العرب الليبيين - مطابع الثورة للطباعة -طرابلس/ ليبيا 1977.
3 - لقاء أجراه الباحث قريرة زرقون مع المترجم له - طرابلس 1997.

قليل من التعري

تعالَوا
لأعرضَ نفسي قليلاً
وأكذبَ بعضًا من الشيءِ
يكذب من بيننا قال قيلا
أغازلُ بعض النساء لديكمْ
وأخفي الذي لا تحبّون مني
بأقنعةٍ قد تُطمْئِنُ ظني
ويخدعني الزور والادعاءُ
وذاك التمنّي
بأني، وأني إلى أن أغني
تعالوا، وعودوا معي بالتحدُّث عني
تعالوا، فما ضرَّ أن نجعل الوضع أجملَ
والوقتَ أطولَ
فالشعر أصدقه أكذَبُهْ
وأجملُ ما قيل
كانوا قليلا
تعالوا
لعل التستُّر يعني التعرِّي
وإخفاءُ شيء هو العرضُ نفسه
لذلك حطّت عن اليافع التبعاتْ
ويضحك ما في المجاديب من نزعاتْ
وأمثالنا عن مفاجأة الشمس للَّيلِ
بعضٌ من الاعتراف
وإطلالةٌ للخفايا على القسماتْ
تعالوا
لكي نتلاعبَ بالقدسيِّ
ونبحث في الغيب والجنِّ
والسحر والصّالحين
وضعفِ الرواةْ
وشعبٍ من النيل يحكم حتى الفراتْ
فمنا الذي قال
أخذًا غلابا
ومنا تغنّي ربابٌ وذابا
إذا الشعب يوما أراد الحياةْ
تعالوا
فقد أعجزتْني أنا المعجزاتُ
التي لا أراها
وكيف تُرى
يا تُرى المعجزاتْ

الخريف لم يزل

حبيبتي لو ترجعين مرَّةً كما أريدْ
لا عندما يهلّ في الأيام عيدْ
أو قبلةٌ على الحروف ذاق طعمها البريدْ
أو في هُفُوت الذكريات ليس خلفها جديدْ
حبيبتي لو ترجعين مرةً كما أريدْ
وقد قطعتُ في الحياة ألفَ ليلةٍ وليلْ
وغصت في أعماق كلِّ الحائرين والجنود والرعاةْ
ومزَّقتْ شراعك الرياحُ دون أن تسلْ
ومزّقته خطَّتهْ ومزقتهْ
خطته بلا مللْ
وعندما رسا سفينك المكدود فوق شاطئ الحياةْ
طغى الخريف وانتهى عليه آخر الأملْ
أعدْتُه ومزّقوه ثم عاد مزقوه والخريف لم يزلْ
لَعنتِ يا حبيبتي ربيعك الذي ارتحلْ
وأمسكت يداك آخر القطار تلحقين بالربيعِ
حيث حلّ
وقد بحثت في القرى وفي المدنْ
وفي عيون الراحلين والخريف لم يزلْ
وتسأمين تلعنين تلحدين بالمساءْ
لكنّها تظلّ في مكانها والأرض تنهب القطار
أو ربما ينهبها
لكنها تدفعه إلى المسيرْ
حبيبتي وترجعين لي بقلبك الكبيرْ
ولا بشعرك الحريرْ
والشفتين والذي يثير فيَّ ما يثيرْ
محزونةً مطرودةً من الطريق حائره
أضم فيك أدمعي التي هدرتِ دفئها ذات شتاءْ
وقد نمونا شاعرين أن هذه الحياة تافهه
مُحتَّمًا سترجعين في أواخر الشتاء وهو آتْ
لتسكني بكوخِ قلبيَ المسدود بالجليد في أناةْ
ستبحثين فيه عن بقية التذكّراتْ
وتهمسين إنني حزينة هذا المساءْ
وتسأمين تلعنين تلحدين بالمساءْ
حبيبتي لو ترجعين قبل أن يجيء ذلك الشتاءْ

من قصيدة: الوقت في مدينتني

الوقت في مدينتي ممزَّقٌ بدون طعمْ
كلامنا إذا تعدّى «كيف الحال» ظلّ كالرثاءْ
لأنه من بعضنا ملطخٌ بالكبرياء
وراكعٌ من آخرين ساجدٌ والخوف فيه والرجاءْ
وفي قلوب آخرين يتغذّى بالأحزان والعناءْ
يا عنفواننا الذي يموت في دُنا العذابْ
يا عنفوان عمرنا ويا خواطر الشبابْ
أتى الشتاء وانتهى وعاد وانتهى وآبْ
لكنه لم ينته فلم تزل مدينتي بدون طعمْ
أودّ أن أحيا بها يومًا وليس ألف يومْ
تضيقُ بي أبوابها تلك التي أغلقها شيءٌ مخيفْ
وراءها يعيش الناسُ لاعبين بالخريفْ
لكنهم لا يفتحون للغريبْ
حتى ولو تمزقتْ أقدامه ولو بكى من العياءْ
أبوابهم تلك التي ينام خلفها الرفاتْ
تعانقت لولا أولئك الأطفال إذ يأتون للحياة
أو يدخلون عائدين في المساءْ
كأنهم أتَوا إلى الحياةِ دون أمّهاتْ
أحلامهم قريبة «يا عم هات قرش هاتْ»
رأيتهم أذلني مرآهمُ
فليس لي محبب سواهمُ
أولئك الأبكارْ
أولئك الأطيارْ
أولئك المشردون اللاعبون بالرذاذ والترابْ