غازي الناصر

1424-1367هـ 2003-1947م

سيرة الشاعر:

غازي بن إبراهيم الناصر.
ولد في قرية الشيخ (حيفا - فلسطين)، وتوفي في مدينة درعا (جنوبي سورية).
قضى حياته في فلسطين وسورية.
تلقى تعليمه في مدارس مدينة درعا، ثم التحق بجامعة دمشق، حتى نال الإجازة في اللغة العربية وآدابها، بعد ذلك حصل على دبلوم في التربية.
عمل مدرسًا للغة العربية في مدارس مدينة درعا.
نشط بشعره في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

الإنتاج الشعري:
- له ديوانان مطبوعان: اللقاء القريب - مطبعة دار الحياة - دمشق 1975، ومتاريس في السماء - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1993، وله قصيدة بعنوان: «اعترافات ابن الكرمل» نشرت في مجلة الموقف الأدبي - العدد 127 - اتحاد الكتاب العرب - دمشق نوفمبر 1981، وله قصائد متفرقة مخطوطة.

الأعمال الأخرى:
- له عدة مقالات في الموسيقى منها: تأملات في الموسيقى العربية، والموسيقى العربية في نهضتها الحديثة، والموسيقى العربية إلى أين؟.
شاعر مجدد، غزير الإنتاج، كتب القصيدة المرسلة، وضمنها معاناته بوصفه فلسطينيًا عانى الشتات، وتجرع كؤوس الاغتراب والهزيمة، ومن ثم فشعره مطبوع على وجدان مترع بالمعاني الوطنية، في شعره كثافة وعمق وقدرة على تجسيد المشاعر في عبارات موحية تعكس ذاتًا حزينة، تتراوح بين اليأس والرجاء، وكثير من شعره يأتي في دفقات شعورية تعكس حالات متباينة من الشعور بالحزن، كما يمكن اعتبار شعره اشتغالاً جماليًا على تاريخ القضية الفلسطينية، وما مر بها من مؤمرات ومذابح وجرائم ارتكبها اليهود في حق الشعب الفلسطيني، لغته تتسم بالجزالة، كما تتسم صوره بالتنوع والجدة، وتعكس وعيًا عميقًا بتجربته الحياتية. مطولته «اللقاء الغريب» تشكيل فني جمالي فلسفي لحالات من التلاقي.

مصادر الدراسة:
1 - توفيق المسالمة: مقدمة ديوان اللقاء الغريب.
2 - عبدالمالك أبورقطي: ترجمة لحياة الشاعر غازي الناصر - درعا (مخطوطة).
3 - الدوريات:
- عبدالسلام المحاميد: محطات في حياة الشاعر المنسي غازي الناصر - مجلة الموقف الأدبي - العدد 391 - اتحاد الكتاب العرب - دمشق نوفمبر 2003.
- كريم راشد: الشاعر غازي الناصر غادر آلامه بعد ثلاثين عامًا من العزلة - جريدة الثورة - دمشق 8/7/2003.
- محمود مفلح البكر: صراع الموت والحياة في شعر غازي الناصر - الأسبوع الأدبي - العدد 963 - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 25/6/2002.

من قصيدة: اللقاء الغريب

وأُسدل الستارْ
على روايةٍ مشى في دربها البطلْ،
ولا سلاحَ غير ضوءٍ راعشٍ من الأملْ
حروفها قد سُطّرت بنارْ
فصولها لم تكتملْ!!
كانت خيوط نسجها ضعيفهْ!!
لكنها عنيفهْ
عنيفةٌ عنيفهْ
ما أغربَ اللقاءْ!!
ذاك الذي جرى بلا موعدِ
كأنه لحنٌ بلا منشدِ،
أصابعُ الأكدارْ،
ولفّه السكون في غلالة المهابه
فانطوتِ الأفراحْ،
وحلّتِ الكآبهْ
ومات في خشوعْ
البِشْر والدعابه
وأُلجم اللقاءْ
ما أغربَ اللقاءْ!!
قد مرَّ كالشهاب في الظلامْ،
كالبرق في غياهب الغمامْ
حِباله قصارْ
لكنه فيضٌ من الأسرارْ
سحيقة الأغوارْ
ليس لها قرارْ
ليس لها قرارْ
تُمزّق الأحشاءْ
تستمطر البكاءْ
ما أغربَ اللقاءْ!!
ذاك الذي قد فجَّر الشقاءْ،
وأنبت الشجون والأرزاءْ
في مهجةٍ رقيقة دقيقة الشعورْ،
منسوجةٍ أوصالها من بحة الشحرورْ
ما أغربَ اللقاءْ!!
أكاد أستشمّ من هوائهِ
رائحةَ الصديدْ
رائحة الدخان والبارودْ
رائحة القديدْ
أكاد أستشفّ من صهبائهِ
مرارةَ العلقم، بَلْهَ السمَّ من رقطاءْ

متاريس في السماء

ارحلِ الآنَ
إنّ الدروب مسيَّجة بالعيونِ
وإن المتاريس منصوبة في السماءْ!
ارحلِ الآنَ
إن بلادًا بأجمعها ارتحلتْ!
أخاف عليك من الموت قهرا
أخاف عليك من الموت فقرا
أخاف عليك من الموت
من طلقةٍ طائشه
- ارحلِ الآنَ
- فات أوانُ الرحيلِ،
وغاب من الصدر قلبٌ،
وأقفرتِ الروحُ
سيّان عندي الرحيلُ
إلى مدن الثلج والضوءِ،
أو هجعةٌ في صحاري البقاءْ
إنه الموتُ
يرمي على الكون أوراقَهُ
وتعاليمَهُ
لا جحيمَ سوايَ،
ولا جنّةٌ غير نهري الكبيرِ
أنا سيد العالمينَ
أزلزل كلَّ المداراتِ،
أبني على الأرض أرضا
وأزرع في جثّةٍ نخلةً باسقه
- ارحلِ الآنَ
- إني سأرحلُ
لكنْ إلى حفرةٍ بارده

أغنية أورفيوس الكرملي

عندما يومض الجرحُ
ينتفض القلب كالطيرِ!
كيف أوزّع هذا الفؤاد الذبيحْ؟
هنا صرخةٌ،
وهناك على جبل الأغنياتِ
ينام الردى!
كان صوتي سُدى!
والدروب الطويلة تحفر في جسدي نفقا
هل أنا «أورفيوسُ»
يخيط من الشدو ذاكرةً شائخه
ويكحل جفنَ المساء بقهقهةٍ جامحه
شُدَّني يا فضاءُ
إلى موجةٍ من فتات المصابيحِ
أو حفنةٍ من صدى
وارفعي يا خيولَ السماء صهيلي
عندما يهبط الموت في آخر الليلِ
أحضن «عكا»
وأُرخي على مقلتيها المواويلَ،
أومئ للبحر كي يغسل الذكرياتِ
ويحملني غيمةً جارحه
أيها الزمنُ الصعبُ
كيف سرقتَ من القلبِ
تفّاحةً يافعهْ؟
ورميْتَ على كاهليَّ العذاباتِ
واللّعنةَ القاتلهْ؟!
هل أنا جبلٌ يابسٌ،
أمْ جناحُ يمامْ؟!