فواز عيد

1420-1357هـ 1999-1938م

سيرة الشاعر:

فواز عيد.
ولد في بلدة سمخ (طبريا - شرقي فلسطين)، وتوفي في دمشق.
عاش حياته في فلسطين وسورية والمملكة العربية السعودية.
تلقى مراحله التعليمية الأولى ببلدته، ثم نزح إلى سورية بعد نكبة (1948)؛ ليكمل دراسته الثانوية في محافظة القنيطرة، والتحق بعد ذلك بجامعة دمشق ليحصل على درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها عام 1963، ودبلوم التربية عام 1964، ثم دبلوم التربية الخاصة (1965).
عمل مدرسًا للّغة العربية بمدارس وكالة الغوث، ومدارس وزارة التربية في سورية، ثم عمل في الصحافة والإعلام، وعمل منتجًا للبرامج في الإذاعة السعودية، ومراقبًا للأفلام في التلفزيون السوري.
كان عضوًا في اتحاد الكتاب العرب بدمشق، إلى جانب عضويته في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.

الإنتاج الشعري:
- له أربعة دواوين مطبوعة هي: «في شمسي دُوَار» - دار الآداب - بيروت 1963، و«أعناق الجياد النافرة» - دار الآداب - بيروت 1969، و«أنحل من أنين» - دار الحوار - اللاذقية 1982، و«بباب البساتين والنّوم» - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1989، ونشر الكثير من القصائد في مجلة الآداب (البيروتية) منذ أواخر الخمسينيات.

الأعمال الأخرى:
- له: «نهارات الدّفلى» - دائرة الثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية - دار الأهالي دمشق 1991، وهي مذكرات شخصية عن حرب فلسطين (1948)، ضمن الوثائق التاريخية، وتقع في 64 عنوانًا.
بشعره نزعة ذاتية إنسانية ووطنية. فشعره يجيء تعبيرًا عن رغبته في الانعتاق والخلاص له ولوطنه: فلسطين خاصة، وأمته العربية بوجه عام. يميل إلى استخدام الرمز، والتعبير بالصورة مع قدرة على التخيل، واستثمار طاقات جديدة لمكونات اللغة حروفًا وألفاظًا وأنساقًا، ينتمي شعره إلى ما يعرف بشعر التفعيلة الذي يستخدم النظام السطري شكلاً للكتابة، مع التزام بأبحر الشعر الموروثة.

مصادر الدراسة:
1 - راضي صدوق: شعراء فلسطين في القرن العشرين - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 2000.
2 - طلعت سقيرق: دليل كتاب فلسطين - دار الفرقد - دمشق 1998.
3 - عرفان أبوحمد: أعلام من أرض السلام - شركة الأبحاث العلمية والعملية - حيفا 1979.
4 - ماهر اليوسفي: جماليات القصيدة الفلسطينية - دائرة الثقافة والإعلام - الشارقة 2000.
مراجع للاستزادة:
1 - شاكر النابلسي: رغيف النار والحنطة - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 1986.

الرّباب

القناديلُ اطمأنّتْ وامّحى صوت النجومْ
ووراء الشاطئ الآخر في الليل نباحٌ وغيومْ
مثلما يرقص طيرٌ لم يفارق بعدُ روحَهْ
هبّت النارُ وصاح الشيخ آهْ
كان قد شاخ كثيرًا وهو يروي للرّبابْ
كفّه والوتر المشدود شابا والجريح اللحنُ
شابْ
- «كان لي حقلٌ ودارْ»
يا ربابْ
فاسقِني من صوتك النيليِّ واشربْ
يا ربابْ
مرَّ بي العمر قسيمًا واستدارْ
والليالي عَبَرتْ بي مثلما مرَّ قطارْ
جرفت داري السيولْ
جرفَتْني
مات أبنائي خليلٌ ونزارٌ ومحمدْ
لا تُملْنَ العُنَقَ الزّاوي رويدًا يا بناتْ
علّنا نمسح عن ذاك الجدار الكلماتْ
ربما جفَّ الدمُ
وامّحى صوت الجياد النافرهْ
آهِ عذرًا ماتت النار وفي الموقدِ
أزهارُ رمادْ
وتطلَّعنا معًا نحو السماءْ
لا نجومٌ
آهِ وانهلَّتْ شرايين الشتاءْ
- عِمْ مساءْ

بانتظار بريد الشّمال

سأنتظر الّذي تأتي به الريحُ الشّماليهْ
على أرياف حلمٍ يستفيق مروَّعًا وزمانْ
أجفّ عليكِ يا نبتَ اتّكاء الظنِّ
يا نافورةَ الألوانْ
أيا عينين يسهرُ فيهما ألق الحقولِ
فينحني ليلٌ ويرعش فيهما نجمانْ
فأركضُ من شتائهما وأسلك جانبَ الجدرانْ
لعلّي أحتمي مما يجيء به البريدُ
وتحمل السّحبُ الشّماليه
لعلّكِ واحةٌ في التّيه مصباحٌ يردُّ الدربَ للأقدامْ
لعلّك صيحةٌ في موسم التَّرحال والأشجانْ
حديثٌ تحتفي فيه الظّلال وتهمس الشّطآنْ
على نغمين يرتجفان في القصب الطريِّ على المياهِ
فتنطفي العينانْ
أنا والموتُ يزحف ههنا للصدر منتظِرانْ
يدبُّ إليَّ صوتك تجفل الخيل التي وردتْ إلى
الغدرانْ
ويفزع خاطرٌ - من لا مكانْ -
ويرحلُ في ليالي الخوفِ والإجفالِ
يرحل في دمي سِربانْ
يدبّ إليَّ رجْعُ الصوت ثانيةً ويسكن في قرارِ
العظم والكِتمانْ
متى يا ريحُ يا سُحبَ الشّمال متى
تعود إليَّ يا مرحَ الفصول تعود يا صوتًا
يضيء معابر الأزمانْ
- «لكَ البشرى لك البشرى!» رفيفُ غمامةٍ
وجناحْ
وأطوي الليل والواحاتِ أنثر كلَّ ما حملتْ
قوافلها إليكِ
أطلّ أنثر كلّ ما حملته من طيبٍ وأعواد لكلّ
رياحْ
أُحِبُّ اللّه والزيتون في أرضي
أحبّ اللّيل والأقدام والماضي
أحبّ الحاضر الآتي
أحبَّ الريح والأخشابْ
وكلَّ رسوم أطفال الغد الآتينْ
وكلّ كُلَيْمةٍ كُتبت بلينِ أكفّهم في غفلةِ
الجدران والأبوابْ
أحبّكِ قطعةً مني ومن بلدي
أراكِ اليوم قبل اليومْ
أراك غدًا وبعد غدِ
أراك معي مواعيدًا لما يأتي
أراك معي نصدّ الريح نشقى مرّةً ونضلُّ
أحيانا
ولكنّا معًا أبدًا يدًا بيدِ
فلا تَدَعي السّحاب يعود يسكننُي كما قد كانْ
أجفّ عليكِ يا نبتَ اتكاء الظّنِّ
يا نافورةَ الألوانْ

من قصيدة: أعناق الجياد النافرة

مظلّلةٌ بأعناق الجياد وبالثمار دروبُ غرناطهْ
ودارُ حبيبتي والنّهر بالدّفلى
وقلبُ صبيّةٍ بالطلّ والأحزانْ
وتنتظرين خلف البابْ؟!
وقد نفرتْ جيادُ الليل والعجلاتُ
عكّرتِ المياهَ ففرّتِ الأسرابْ
وتنتظرينَ خلف البابْ؟!
ووحدي مَن رأيتُ قميصه ودمَهْ
وأوسمةً على الكتفين في الوادي
ووحدي كنت أملأ سلّتي بالدّمع والثّمرِ
وأرجع والنّدى الليليّ يسقط في كروم السفحِ
مرتعشًا
وفي قلبي
وتنتظرينَ خلف البابْ؟!