عبدالوهاب المسيري

1430-1357هـ 2008-1938م

سيرة الشاعر:

عبدالوهاب محمد أحمد علي المسيري.
ولد في مدينة دمنهور (محافظة البحيرة) وتوفي في القاهرة.
شاعر من مصر.
عاش في مصر والولايات المتحدة والسعودية والكويت.
تخرج في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، جامعة الإسكندرية وعمل معيدًا بها، ثم التحق بجامعة كولومبيا في نيويورك وحصل على الماجستير عام 1964، ثم
الدكتوراه من جامعة رتجرز في ولاية نيوجرسي عام 1969.
عمل بالتدريس في جامعات عين شمس والملك سعود والكويت، كما عمل مستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك، وعضوًا بمجلس الخبراء في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة.
تزعم في سنواته الأخيرة حركة «كفاية» المعارضة.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان: أغاني الخبرة والحيرة والبراءة، دار الشروق - القاهرة 2003. ويضم كل قصائده.

الأعمال الأخرى:
- له مؤلفات كثيرة منشورة منها: «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية»، «رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر»، «العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة»، «الفردوس الأرضي»، «إشكالية التحيز»، «الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان»، «الحداثة وما بعد الحداثة»، «اللغة والمجاز»، «العالم من منظور غربي»، «دراسات في الشعر». كما ترجم عن الشعر الإنجليزي وألف عدة قصص للأطفال.
شاعر مفكر، يتخفف من قضاياه الشاغلة بنثر ما يتزاحم في ضميره من رؤى في صور تتوارد في زخات أو وثبات تتداعى أو تتعارض أو تتدابر، فتوحي بعالمها الخاص بين الرمزية والعبثية، في لغة صادمة طازجة التراكيب والدلالات، تصنع إيقاعها الخاص، وقد تومض من بعيد بعنصر قصصي يعين على إبلاغ غاياته البعيدة.

مصادر الدراسة:
1 - عبدالوهاب المسيري: رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر - الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة 2001.
2 - موقع الدكتور عبدالوهاب المسيري على الشبكة الدولية.

الحسناءُ التي تُغني والعقرب

في قلبي جلست حسناءٌ
تتغنى بالقمر الأخضرْ،
وترتل كلمات هُيامٍ
وتصعِّد نغمًا للكوكبْ
في قلبي تمسكُ حسناءٌ
نايًا سحريَّ النغماتِ،
سالتْ مُهجتُها ألحانًا
ودموعًا حرّى تسكُبها
فوق الأوراق الخضراء
كلماتٍ يحملها الجدولْ
عصفوري الأخضرَ عصفوري
غرِّدْ واخطرْ بالنغمِ
بلبلَ أحلامي يا بلبلْ
رتِّلْ أحلامي يا بلبلْ
رتِّلْ للألم الصلواتِ،
أوقدْ في المعبد شَمْعاتكْ،
واسكُبْ في المذبح دَمْعاتِكْ
عصفوري الحالمَ عصفوري
بلبلَ أفكاري يا بلبلْ،
بومٌ نَعّاقٌ لا يرحمْ،
رأسي ملآنٌ بالعقربْ،
يا ويلي هل لي من مهربْ
أحلامي ما ضربت جِذْرًا
يومًا في الصخر وما نبتتْ
ريحٌ عاصفةٌ مسمومه
هبَّتْ غطّتها بالموتِ
تركتني أهذي أترنَّحْ
عصفوري الأخضرَ عصفوري
بلبلَ أحزاني يابلبلْ
كم كنتُ سخيفًا وقميئًا!
ما زال الدمُّ المنزوفْ
يصرخُ بالثأرِ وبالعدلِ

الحكمة

نظرتُ من شُبَّاكيَ الصغيرِ يا أميرْ
عرفتُ طَلْعَتكْ
رأيتُ سَحْنَتَكْ
فسرتُ في الدروبِ كالفقيرْ
أسائلُ الغريبَ «يا غريبْ
هل مرَّ من هُنا أميريَ الصغيرْ؟
عيونُه في زُرقِة المحيطِ يا غريبْ
ووجهُه كطَلْعةِ القمرْ
يسيرُ في رشاقةِ الغزالِ ياصديقْ
من خلفهِ القلوبُ تستبقْ
في كهفهِ نودُّ أن يسومنا العذابْ
ويعصِرَ الزيوتَ من عيوننا،
ونأكل الزَّقُّومَ يا غريبُ نأكُله
وبعدها نسيرُ
في أكفِّنا القيودْ
عيوننا رَصاصْ
وشعرُنا جَليدْ
وقلبُنا الصغيرُ يا غريبُ يُحْتَضَرْ،
نتمتمُ الدعاءَ للأمير نلعنُهْ
نتابعُ الخُطَى وفي الدوروبِ نلحقُهْ
وجئت أسألكْ
عساكَ قد لمحتَ طَلْعَتَهْ
- «ما مرَّ من هنا، أيا فتاةُ، صاحبُكْ»
فسرتُ في الدروبِ كالفقيرْ
أميريَ المدلّلَ الصغيرْ!

رحلة

النرجسيّ
«فوق الجبل سأصلب ذاتي
حتى يصعدَ شدوي لكمُ،
شدوي نجمُ الفجر اللامع
ضوّأ ذاتيَ في العتماتِ،
شدوي بدرٌ للعشاقِ
يبزغ في جنات الحبْ،
وهْوَ شموسٌ ترسل دفئًا،
وهْوَ لواءٌ وهْوَ بيارقْ،
وهْوَ جداولُ تروي العطشَى»
البرج العاجيّ
هَوَتِ الكلمةُ تلوَ الكلمه
في صحراء الصمت المطبقْ،
خَرَّت صَرْعى لم يسمعْها
إلا الرملُ الميتُ وحدَه،
كسر الشاعرُ قيثارَتَهُ،
سار وحيدًا لا يؤنسه
في وحدتهِ إلا ذاتُه،
لا إخوانَ ولا خلاَّنْ
فهمُ صُمٌّ أو عُميانْ
«قلبٌ حجرُ،
أُذْنٌ شمعُ،
عينُ زجاجٍ يا أقزامْ»
صعِدَ جبالَ الشعر الخالصْ،
طرقَ دروبَ القمر الأخضرْ،
وبفردوس اللهِ الشاسعْ
شَرِبَ اللبنَ وأكل المنَّا
أغمضْ عينك، فهو إلهْ!
الولادة الجديدة
كيف نَسِيتُكَ يا عصفوري،
يا من يقطُن قلبي الباكي
عشَّشَ فيه فلا يبرحُه؟
كيف نسيتُكِ يا أحلامي،
يا ذاتَ العينِ العسليّة
يا من أَلقى معها الفرحة؟
أنتِ الحُلُمُ وأنتِ الـمَثَلُ
أنتِ الفكرةُ أخذت شكلا
أنتِ خيالُ الشاعر يُبدعُ
عالمَ خيرٍ محضٍ مطلقْ،
يعطي أُذنًا للخلاّنْ
وهو عيون للأصحابْ،
وهو شواطئُ أمنٍ يرسو
فيها قلبٌ ضاع وتاهْ