عادل أديب آغا

1408-1361هـ 1987-1942م

سيرة الشاعر:

عادل أديب آغا.
ولد في بلدة ترشيحا (الجليل الأعلى - فلسطين)، وتوفي بنوبة قلبية في السعودية.
عاش في فلسطين، وسورية، والسعودية.
نزح مع أسرته عن فلسطين عند الاستيلاء على الجليل (الملاصق للحدود الفلسطينية مع لبنان) واستقر في سورية.
تلقى تعليمه في مدينة حلب ودمشق وتخرج في كلية الآداب - جامعة دمشق.
عمل مدرسًا في مدارس وكالة غوث اللاجئين (التابعة للأمم المتحدة) في سورية.
كان له نشاط ملموس في الصحافة السورية والسعودية.
نال وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.

الإنتاج الشعري:
- صدر له الدواوين التالية: «زهور لمليشيا الفرح» - طلائع حرب التحرير - دمشق 1974، و«شتاء الورد» - موسم الصخر - طلائع حرب التحرير - دمشق 1975، و«الهرب إلى الميدان» - منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1976، و«وجه للفرح ذاكرة للصحراء» - وزارة الثقافة والإعلام - بغداد 1980، و«متى تنبت السنبلة» - دار الكرمل - بيروت 1980.
صوت فلسطيني عاش تجربة الغربة في الوطن، فجاءت قصائده ممزوجة بمرارة المعاناة وحلاوة الأمل في الآتي الموعود، كتب قصائده على نسق التفعيلة، مع
تنويع على هذا الأصل. يحاول أن يؤصل لنفسه موقعًا في زمن التحولات، أهم ما يتميز به أسلوبه الجريء في تشكيل الاستعارة.

مصادر الدراسة:
1 - أحمد عمر شاهين: موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين - دائرة الثقافة - منظمة التحرير الفلسطينية - دمشق1992.
2 - أديب عزت، وآخرون: تراجم أعضاء اتحاد الكتاب العرب - في سورية والوطن العربي (ط4) - اتحاد الكتاب العرب - دمشق 2000.

ويأتي.. مرة أخرى

للحزن أوسمةٌ
وللدمع الرزين صدًى
رأيت أول نهدةٍ للشمسِ
تنهض من جراحاتٍ كطعم البعدِ
تنهض مثلَ سنبلةٍ
هي اللون المقدّس والمدى
وسمعت عُمْرًا راكضًا
من أول الآه القصيَّةِ
ممعنًا في الرملِ
صحراءٌ على شكل الصلاةِ
وعابدٌ يستلُّ ليل النفيِ
يقرأ سورة الخطواتِ
تُدخِلُهُ
إلى الأرض الخجولةِ
عاشقًا
وتدور فيه فيستحيلْ
رؤيا
ويمتقع المدى
الدم يصنع مجدَهُ
والصوتُ يحمل للأسى وشمًا
وللدمع الرزين صدًى صدًى
ورأيت شكلاً طالعًا من غفلة البحر الأليفِ
يجيء مكتملاً إلى شرفات «يَعْبُدَ» كي يموتْ
ورأيت إسمًا ناهضًا من صيغة الألق الشفيفِ
له جنون الوردِ
أو طعم السُّرى
النارُ بين يديه كمّثرى من الثلج العريقِ
ونبضُه صوت ابتهال الوقت للعمر - الخريفْ
للحزن أوسمةٌ
وللموت القريب يجيء مُتَّشحًا بصوت الآهِ
مكتملاً إلى شرفات «يعبدَ»
كي يموتْ
ورأيت ضوءًا فاخرًا صعبًا
بشكل الجوع والفقراءِ
يحمله إلى زمن السكوتْ
فعرفت أني واقفٌ في موسم الملكوتِ
«عزّالدينِ» - «هيلاريون»
عزّ الجرح
كِلْمةُ سِرّنا الأولى
يجيء متوَّجًا بالشوكِ
يحمل بندقيته ولا يحزنْ
وكنت أراه عُريانًا ولا أبكي
وكنت أراه يأتي حاملاً مستقبلاً نيْئًا
ولا أبكي
وكنت أراهُ أحلمُ
عابدًا يستلُّ وجه الأرض قُدّاسًا
وموسيقا
وفاتحةً
ويكتب سورةَ الخطواتِ
من بوابة المنفى إلى يَعْبدْ
يجيء يجيء مكتملاً إلى شرفات تَرْشيحا
وكنت أراه أخضرَ مثل تل الزعتر الأخضرْ
ومثل عبيرِ مَنْ جرَحَتْهمُ الطلقاتْ
مَنْ قتلتهم الكلماتْ
مَنْ رحلوا
لكي يأتوا وخُضرًا مرةً أخرى
فما قُتلوا
وما رُفعوا إلى المجد الجريءِ
وما أحبّوا غير دستور الخطى
دخلوه
فانبجستْ على أقدامهم
للحزن أوسمةٌ
وللدمع الغزير مدًى
وأشهد أن عِزَّ الدين ما صلبوهُ
ما قتلوهُ
ما عرفوه بعدُ
لأنه يأتي
وقد يأتي
ويأتي مرةً أخرى

من قصيدة: الذي ضاع... الذي يعود

رأى كلَّ شيءٍ
وضاعْ
وأورثنا لعنةَ الإرتحالْ
وحين ارتوت من لهاث دِمانا الرمالْ
ومدّ الفراغُ العتيم أصابعَهُ
فانجذبنا إليهِ
نغوص فنلتهم الأزمنهْ
وتنكسر الطرقاتُ - المسافاتُ فينا
ومِنْ حولنا
لم نجد غيرَ صدر بلادٍ
تقوم إلينا من الماءِ
حيث البدايةُ
رحنا نغني نشيدَ الوطنْ
فضاع الذي قد رأى كلَّ شيءٍ
وعُدْنا
فيا أجملَ العاشقاتِ أتيتُ وحيدا
يُكلِّلني الصمتُ - لو تعلمينَ
أجيء وحيدا
فخلّي بعينيك بعضَ دموعٍ وورده
فإني سأرجع يومًا شهيدًا جديدا
رأى كلَّ شيءٍ
فصار جميلاً بلون الصلاةْ
أحبَّته كلُّ عذارى العصورِ
وأهدَيْنه قمرًا من نداءٍ
فضاعْ
وأورثنا صيغَ التَّوْقِ والإنتظارِ
انتظرنا
وفي حومة الرغباتِ - المرارة
كنا نُؤاخي مُفردةً للبكاءِ
بكينا
وفي دمعةٍ كنقاء الوداعِ
انكفأنا
الرمالُ تجيءُ
وليلُ الغرابة ينهضُ
ينكسر الوقت فينا
وحين نخافُ
نغني نشيد الوطنْ
يضيع الذي صار عذبًا جميلاً
ونرجعُ
ضاع الذي قد رأى كلَّ شيءٍ
وعُدنا