أحمد أبورحاب

1428-1364هـ 2007-1944م

سيرة الشاعر:

أحمد سعدالدين أبو رحاب.
ولد في قرية العسيرات (مركز المنشأة - محافظة سوهاج)، وتوفي في القاهرة.
قضى حياته في مصر.
تلقى تعليمه الأولي في إحدى مدارس قرية العسيرات، ثم التحق بمدرسة المنشأة الثانوية، بعدها التحق بكلية التجارة جامعة المنصورة، وتخرج فيها، ثم واصل دراساته العليا في مجال العلوم التجارية حتى حصل على الدكتوراه.
عمل معيدًا بكلية التجارة في جامعة المنصورة، وترقى في سلك التعليم الجامعي، حتى صار أستاذًا.
كان عضو اتحاد كتاب مصر، كما كان عضو مجلس الشعب المصري لمدة دورتين متتاليتين خلال الأعوام (1979 - 1995).
كان له نشاط اجتماعي وثقافي، كما أنشأ فرقة للكورال المسرحي وأنفق عليها من ماله الخاص، كذلك كان يؤلف الموسيقى.

الإنتاج الشعري:
- له أربعة دواوين مطبوعة كان ينشرها على نفقته الخاصة: «أغنيات للثورة المستحيلة» - القاهرة 1981، و«خماسية الموت والوجود» - القاهرة، و«التفرد» - القاهرة، و«ثلاث قصائد» - القاهرة، وله قصائد متفرقة نشرت في الشبكة الدولية للمعلومات، وله ديوان مخطوط بعنوان: «التاريخ السري للحزن».

الأعمال الأخرى:
- له رواية منشورة بعنوان: «الأيام الميتة» - القاهرة 1965، وله مجموعتان قصصيتان: «وداعًا أيها القلب» - 1969، و«ماذا تفعلون بهابيل» - 1976.
كتب قصيدة التفعيلة متفاعلاً مع خصائصها الفنية من حيث تنوع الأوزان والقوافي والتطرق إلى الموضوعات التي تستطلع الواقع الاجتماعي والسياسي على نحو يعكس رؤية الشاعر الذاتية، وهو في ذلك مرتبط بقضايا مجتمعه، معبر عن آماله وأحلامه وطموحاته في غد أفضل، قصائده وإن اتسمت بطابع شجي كسيف إلا أنها تفتح آفاقًا من الأمل والإشراف على المستقبل، وهي ذات طابع نضالي ونزوع ثوري، ففيها دعوة - مترددة - تغري بالتمرد. مجمل شعره متسم بكثافة اللغة وعمق المعنى وتداخل الصور والتراكيب الموحية، والحرص على تنوع الإيقاعات وجلاء الموسيقى الداخلية.

مصادر الدراسة:
- معلومات قدمها الباحث عطية الويشي عن المترجم له - القاهرة 2007.

من قصيدة: لم يعد عندي سواكم

قد مضتْ عنّي شجونُ الموعدِ
ودبيبُ الجهل في القلبِ النّدي
عُدْ وخذني
من قفار السّرمدِ
من شحوبِ الأمسِ من شَجْو الغدِ
من زمانٍ كاسحٍ مفترسِ
من حنينٍ ضائعٍ مبتئسِ
من سنينٍ لم يعد منها سوى محضِ خيالٍ في يدي
عُد وخذني
من هناءٍ غابَ عنّي
ها أنا أجلسُ وحدي
ها أنا أنشدُ وحدي
ليس عندي
غيرُ ذكرى لغلامٍ تائهٍ في الأبدِ
صوتُه يبدو نحيبًا يتغنّى بشجىً منفردِ
يعشقُ النّيل وموجَ البحرِ يرنو للغدِ
يُسهد البدر المغنّي
يسطر الأحلام فوق الرمل موصول التمنّي
ويسوق التوقَ لحنًا ويغنّي
عُد وخذني
ضاع عمري لن أجادلْ!
خلّني أبكي لأشواقٍ، وأزمانٍ يُناجي البدرُ ضوءَ النّجمِ فيها ويغازلْ
نغمةُ الطير المعنّى، ترسلُ اللحنَ نزيفًا عن بلادٍ ومروجٍ وسهولٍ
ومراعٍ، ومنازلْ
أُرسل الشعر بريئًا ساذجًا، عشقًا مُصفّى
ناشرًا عطرًا رقيقًا فوق أجساد الرسائلْ
واهبًا عمري لأحلى طفلةٍ بين صَبّيات الخمائلْ
ثغرُها المعشوقُ حلمُ الثّغر لكنْ من يناضلْ
خصرُها الضّامر ترجوه الأماني راعشًا تحت الغَلائلْ
جيدُها المصقولُ آهٍ ثم آهٍ والجدائلْ
قُربها لفحةُ أشواقٍ تدكّ الجسم، تجتاحُ الأناملْ
بُعدها جرحٌ وترحٌ ونزيفٌ ومتاهاتُ صحارى وفيافٍ ومجاهلْ
صوتُها زَقْوٌ لعصفورٍ يمامٍ كروانٍ يتهادَى في الليالي وبلابلْ
ضحكُها رنّةُ فرحٍ وخريرٌ لجداولْ
كفّها يخضرّ منه الكونُ كَرْمًاوقُطوفًا وحقولاً وثمارًا
وسنابلْ
عُدْ وخذني
عدْ وخذني من نيوب الشّيب من ضعف المفاصلْ
من قصيدٍ يهرقُ الآهاتِ لكنْ لا يحاولْ
لن أجادلْ
فأنا طيرٌ وحيدٌ وفريدٌ، وغدًا في الليل راحلْ
لن أجادلْ

من قصيدة: تولّى زمانُك إلا قليلاً

تولّى زمانُك إلا قليلا
تولّت حكاوي الشّتاء الدفيءْ
وأفراحُ قلبٍ بريءْ
دموعُ الفراق وفرحُ اللقاءْ
وأوّل أغنيةٍ للهناءْ
تنام وتحلم حلمًا طويلا
تولّى زمانك إلا قليلا
تولّت ليالٍ تُغرّد فيها النّجومْ
وتنشر فيها البدورُ بريقا
وتمرح فيها الطيوفُ البديعه
تولّت ليالي الغرام الوضيئه
وأيّامُ فرحِ المشاعرِ
يومَ تبدّتْ ويومَ تغنّتْ
ويومَ تشكّتْ وجُنّتْ وحَنّتْ
وقالتْ ومالتْ وجالتْ وصالتْ ورقّتْ وغنّتْ
تَولّتْ تَولّتْ تَولّتْ
وغابتْ طويلا
تَولّى زمانك إلا قليلا
تولّى حديث الشّقاءْ
ودمعةُ عينٍ لفقد الحبيب وخوفِ الفَناءْ
وكلّ حياتك كانتْ وصارتْ هباءْ
سعادةُ قلبٍ تولّتْ
ونبضةُ حبٍّ تولّتْ
قصيدةُ شعرٍ تولّتْ
تولّتْ تولّتْ
فلا تتباكَ ولا تتباهَ
ولا تتساقَ من الذكريات الكؤوسَ الدّفاقَ طويلا
ولا تتغنَّ بنصرٍ مجيدْ
ولا تتشكَّ عذابًا مُمضّاً وهمّاً ثقيلا
تولّى زمانك إلا قليلا

لو كان حبيبي.. يا ليت حبيبي

أهوى أَنْ أمشيَ تحت الأمطارْ
أعشقُ صوتَ الليل يحمحمُ بين تلافيفِ الكونْ
ما أعظمَ أن ينفردَ البحرُ بنفسهْ
أن يرتشفَ الموجُ رضابَ الشّطآنْ
يتسارعُ كي يخطفَ أوّلَ قُبله
ينكمشُ الشّاطئ تحتَ حنين اللمساتْ
وبعيدًا في الدّور المنطفئه
خلفَ شبابيك الأحلام المكسوره
تتناثرُ أجسادُ النّاس عَلى سُرر الوَهْمْ
وأنا وحدي
وحدي في قلبِ البَحْرْ
في حضن الأمواجْ
ترمقني الأَسماكُ بدهشه
تضحكُ
لا تفزعُ منّي
يألفُني الكونُ الغارقُ في لذّات الوحده
يهواني الليلُ المتنزّلُ فوق الدّور وبين الطرقات وفوق حقولِ الزّهرْ
أجلس وحدي فوق الشّاطئ لا يفزع منّي
يسمعُ أشعاري ويروحُ يُهْدهدني
يأخذني في الأحضانِ الرطبه
أغفو في الليل وحيدا
تكسوني الظلمات بروح النّسيانْ
لكن لو كان حبيبي نجمًا ليليا
لو كان حبيبي خيطًا من ضوءِ البدرْ
لحنًا من ألحانِ الكروانْ
لو كان لو
ما كنت وحيدًا في الليل بكيتْ
مثلَ الطفل التائه يشتاق إلى البيتْ
يا ليت حبيبي
يا ليتْ