سعيد المحروق

1415-1366هـ 1994-1946م

سيرة الشاعر:

سعيد بن سيفاو المحروق.
ولد في بلدة جادو (غربيّ طرابلس - ليبيا)، وتوفي في مدينة طرابلس.
قضى حياته في ليبيا.
تلقى تعليمه قبل الجامعي ببلدة جادو، ثم استكمله بمدينة طرابلس، ثم قصد بني غازي والتحق بكلية القانون (الحقوق)، وتخرج فيها عام 1972، وكان قد تعرض
لحادث سير ألزمه الفراش مدة خمسة عشر عامًا وأقعده عن العمل.
كان عضوًا في رابطة الأدباء والكتاب الليبيين.

الإنتاج الشعري:
- له ديوانان: «سقوط أل التعريف» - عمان - دار القدس 1979، و«أشعار كاتمة للصوت» - الدار العربية للكتاب - طرابلس وتونس 1987.

الأعمال الأخرى:
- له عدد من القصص والمقالات المنشورة في بعض الصحف الليبية مثل: «الميدان - الرواد - الفصول الأربعة - تراث الشعب»، وله مجموعة قصصية بعنوان: «أصوات منتصف الليل» - الدار الجماهيرية للنشر - طرابلس - 1992.
كتب قصيدة التفعيلة، واتسم شعره بطابع إنساني فيه نزعة تشاؤمية وعبارة تهكمية ساخرة، على نحو ما نجد في قصيدة «الإنسان والزمان». يتميز شعره بالإفادة الواسعة من المعطيات الثقافية والعلمية الحديثة، فينبئ عن تنوع وسعة ثقافته، وتجسد قصيدته «سورياليه» هذا المنحى، كما تميل إلى الاستبطان والتهويم والإفادة من تيار الشعور،وفي المجمل فإن شعره يمثل اتجاهًا حداثيًا، يهتم بالتأكيد على الرؤى الحلمية والمعارف الباطنية، وتحريك الإيقاعات الداخلية.

مصادر الدراسة:
1 - عبدالإله الصائغ: الخطاب الشعري الحداثوي والصور الفنية - المركز الثقافي العربي - الدار البيضاء 1999.
2 - عبدالله مليطان: معجم الأدباء والكتاب الليبيين - دار مداد - طرابلس 2001.
: معجم الشعراء الليبيين - دار مداد - طرابلس 2001.
: معجم القصاصين الليبيين - دار مداد - طرابلس 2001.
3 - قريرة زرقون نصر: الحركة الشعرية في ليبيا في العصر الحديث - دار الكتاب الجديد المتحدة - بيروت 2004.
4 - الدوريات:
- أحمد إبراهيم الفقيه: الشاعر وإرادة الحياة - جريدة الأسبوع الثقافي - العدد 399 - 12/3/1979.
- أحمد الفيتوري: سعيد المحروق.. كاتم الصوت - مجلة الفصول الأربعة - السنة الثالثة عشرة - العددان 72، 73 - 1993.

من قصيدة: الليلة البارحة

كأن الذي مرَّ
قد مرَّ بي الليلةَ البارحهْ
ولم أنس بعدُ،
كأنَّ الزمانَ
تكوَّرَ في قمقمٍ مثل جان
وسرَّب لي السرَّ
- مذ وصلتْ خيلهم
أصبحتْ
كلُّ تلك الورود بلا رائحهْ
منذ حلَّ الجرادْ
أزمنَ الفقرُ، والجهل، والموت فينا
وقاومَ كلَّ دواءٍ مضادْ
عريت أرضُنا
واستبدَّ الطواغيت، حينًا
فحينًا
كأن الذي مرّ
قد مرَّ بي الليلة البارحهْ
فمذ أنكر المطرُ الأرضَ، قد
عقمَ القمحُ
وانقرضتْ
في السماء، عذارى السحابْ
وأصبحتِ الأرضُ
أرضًا يبابْ
وحتى الفراشات قد جفلتْ
طاردتْها خيولُ الطواغيت، فانتحرتْ
شرفًا، حتى حُرُّ العصافير قد ذُبحتْ
غيلةً، لم يعشْ
غيرُ رهط الخفافيشِ
غيرُ الصراصيرِ
غير الزَّنابيرِ
غير الذبابْ
كأنَّ الذي مرَّ
قد مرَّ بي الليلةَ البارحهْ
ولكنْ لم أنسَ قاطعةً في السطور، ولا شارحهْ
كأن الذي كان ها هو ذا
بين عينيَّ كينونةٌ واضحهْ
فليس ظلامُ العصور يغيِّبها عني
ولم تمحُها الريحُ
لم يُبلِها الموتُ
لكنها
لم تزل تبعثُ الحمّى في جسدي
كلما
صرت أحيا
مع الدَّمِ،
والدمعِ،
والرائحهْ

الإنسان والزمان

لم تتعاقبِ الفصولُ كيفما عهِدْنا
مثلاً
زمانُ هذا العامْ
أخطأه التوقيتُ أو أخطأهُ النظامْ
ذهلتُ حينما فوجئت بالتَّركيعِ، والتَّطبيعْ
حزنت للورد الذي يذبلُ في الربيعْ
لشمسنا التي
لما تعدْ تُشرق
كلَّ هذه الأيامْ
لم تتعاقبِ الفصول كيفما عهدنا
واحسرتا! زمان هذا العامْ
فآهِ يا أشعَّة الظلامْ
وآه يا مناخًا دونما
اسمٍ، ويا
طقسًا، بدون دفءٍ، دونما صقيعْ
صُعقتُ حينما الخريفُ
ينسخُ كلَّ فصلٍ من فصول عامنا الرَّضيعْ
هو الخريف كلَّ عامٍ دائمًا
يعقبه الخريفْ!

سوريالية

في بعض الأحيانْ
أُبحرُ في يقظتيَ النوميَّهِ
أعدو، وأخبُّ وراءَ -
الفرشاةِ العابثةِ الألوانْ
أتناومُ بالتِّيه على السقف، على الجدرانْ
بلا كيفيَّهْ
بين الغفوةِ، واليقظة، والتّيهانْ
أستجدي النومْ
أستمطرُ فرحي، وأهيمْ
فوق خطوطِ الفرشاة العبثيةِ
آهٍ، لكنّي، آهٍ
لا أقوى إيقاظَ يدي النائمةِ، المرساهْ
كي أقتفي عبثَ الفرشاهْ
فيُذيب السهوُ على الحائط لونَه
أحيانًا أخرى
في وقت مَعاشْ
أو في لا وقتِ فراشْ
أتشمَّس، أو أتقمَّر، فتباغتني
قطعانُ السُّحبِ،
فأرى فيما يرى الوسنانُ اليقظانْ
لوحاتٍ أغفلَها «فان كوخْ»
وسها عنها «بيكاسو»