سركون بولص

1428-1364هـ 2007-1944م

سيرة الشاعر:

سركون بن بولص البازي.
ولد في بلدة الحبانية (محافظة الأنبار - غربي العراق)، وتوفي في مدينة برلين (ألمانيا).
عاش في العراق ولبنان والولايات المتحدة وألمانيا.
دخل مدرسة الحبانية الابتدائية في محافظة الأنبار في الفترة (1951 - 1955)، ثم انتقل إلى مدينة كركوك حيث أكمل السنة الأخيرة من الابتدائية ثم تابع الدراسة المتوسطة فالثانوية، هذا وقد تعلم اللغة الإنجليزية أثناء عمله، وكان يحرص على تثقيف نفسه بنفسه.
توظف أولاً في شركة النفط في مدينة كركوك عام 1964، ثم هاجر إلى لبنان، حيث عمل في الصحافة مع الفصائل الفلسطينية، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة
الأمريكية، حيث درّس وحاضر في بعض جامعاتها.
كان عضوًا في جماعة كركوك الثقافية، وجمعية المؤلفين والكتاب العراقيين.

الإنتاج الشعري:
- له عدة دواوين، منها: «الوصول إلى مدينة أين» - دار ابن رشد - بيروت 1985، و«الحياة قرب الأكروبول» - دار الجمل - كولون (ألمانيا) 1988، و«الأول والتالي» - دار الجمل - كولون (ألمانيا) 1992، و«حامل القانون في ليل الذئاب» - منشورات الجمل (ط1) - كولون (ألمانيا) 1996.

الأعمال الأخرى:
- ترجم كتابًا بعنوان «يوميات في السجن» تأليف: هوشي منه - دار الآداب - بيروت 1969، وأصدر مجلة (دجلة) في أمريكا سنة 1971.
شاعر مجدّد في إطار صرعات ما بعد الحداثة، فجلُّ ما وصلنا من شعره يقع تحت باب «قصيدة النثر» بمواصفاتها المعروفة من عدم الركون إلى الوزن والاستعاضة
عنه بالإيقاع الداخلي وإحداث بعض الملامح الأسلوبية كالمفارقة وإثارة الدهشة.

مصادر الدراسة:
1 - حميد المطبعي: موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين (ط1) - دار الشؤون الثقافية - بغداد 1998.
2 - صباح نوري المرزوك: معجم المؤلفين والكتاب العراقيين (ط1) - بيت الحكمة - بغداد 2002.
3 - محمد صابر عيد: الشعر العراقي الحديث (ط1) - قراءة ومختارات - دار عمان للطبع - عمان 2002.

ما نفعله الآن

شيءٌ ضائعٌ بين التقاطيع
يطفو كطائرٍ مقتول في بُركة النظرة
زوجٌ تولّى، أمٌّ تموت
ابنٌ ترينَهُ في الحلُم كلَّ ليلةٍ
«كان مَلاكَ البيتِ
ونوري الوحيدَ»
والآن تستيقظين على صوت طارقٍ
في بعض الليالي تحمله إليك
العاصفةُ
البرقُ يَخيط السماءَ بأسلاكٍ من الفضةِ
المطرُ يغسل النوافذ بماء المعجزات
هذهِ الساعة التي ستدنينا
أو تُفرِّقُنا أو تذكِّرنا بأنَّ ليلتنا هذه
قد تكون الأخيرةَ، وتعرف أنها خسارةٌ أخرى
سيعتاد عليها القلب مع الوقت
فالوقتُ ذلك المبضعُ
في يد جرَّاحٍ مخبولٍ سيعلِّمنا ألاّ ننخدعَ بوهم الثبات
«أقلُّ مما يكفي، أكثرُ مما نحتاج»
أقل مما يكفي هذا الإرثُ الفائضُ من مكمنِه
في صيحة الحبِّ الأولى
أولى في كلِّ مرّةٍ
أكثر مما نحتاجُ طعمُ الرغبة هذا
كما لم نَذقْه من قبلُ
لم نَذقْه من قبلُ
وكلُّ إطلالةٍ على الهوَّةِ خطوةٌ أخرى
في الطريق السالكة إلى الذروة،
ما نفعله الآن

بروتريه للشخص العراقي في آخر الزمن

أراهُ هنا، أو هناك
عينُه الزائغةُ في نهرِ
النكباتِ، منخراهُ المتجذِّران
في تُربةِ
المجازرِ، بطنهُ التي طحنتْ
قمحَ
الجنونِ في طواحينِ بابلَ
لعشرةِ آلاف عامٍ
أرى صورتَهُ
التي فَقدتْ إطارها
في انفجاراتِ التاريخِ
المستعادةِ
تستعيدُ ملامحَها كمرآةٍ
لتدهشنا في كلِّ مرةٍ
بمقدرتها الباذخةِ على التبذير
وفي جبينه الناصعِ
يمكنُك أن ترى
كأنما على صفحاتِ كتابٍ
طابورٌ في فيلم بالأبيض والأسود
أعطِهِ أيَّ سجنٍ ومقبرةٍ
أي هنا، أو هناك
ورغم ذلك يمكنُك أن ترى
المنجنيقاتِ تدكُّ الأسوار
لتعلو مرةً أخرى
وتصعد «أوروكَ» من جديدٍ

من قصيدة: حبة رمل

كما قد تُضافُ
إلى الزمان حبةُ رملٍ
نسطِّر ما يمكننا أن نسطِّرَه
على هذهِ الصفحةِ
هل سيشمتُ بنا الزمانُ، وما أدراك
بالفضاء مرعبًا في امتداده
إلى ما لا نهايةَ؟
ثمَّةَ كلمةٌ
تعزينا بأصدائها في
خلفيّة الذكرى، وما من كلمةٍ في النهاية
تعرف كيف تكونُ العزاءَ
ومع ذلك، فما من بديلٍ
منذ أن هبطتْ إلينا هذه الكلماتُ
من سماء الخالق على الخليقة
رغم أن الحلاّجَ قال لنا إن
التواصل مستحيلٌ، إلا على حافَّة النِّطعِ
والمتصوِّفةُ الأجبنُ منه، بعده أنكروا
الاستحالة
قد يكون على حقٍّ كلُّ هؤلاء
فالروحُ كساعي البريد، تستلم الرسائلَ
لكي توصلها إلى الأهل، لكن أين الأهلُ يا تُرى
ومن قد يكونون؟ مع أنّ الليلةَ
جاهزةٌ لاستقبال معجزةٍ
في مكانٍ، لحظةٍ ما
والنرجسُ يغطّي وجه الأرض
صوتُ أيامي، أزمنةُ الآخرين
لم نعد نحبُّ ما كنا مولّهين به
ما كان يسرُّنا، كالرماد، على لساننا يستقرُّ
لأنه الأمسُ
نعانقُ ما كان، ولا نقشعرُّ عندما
نعرفُ أنه الماضي، تلك الجثَّةُ الأمينة
للأشياء أحتافُها أيضًا
شُحُناتُ انتفاضاتها المحشودة
حتى التكهرُبِ، وأسرارها التي تُضاهي
في تماديها، لغةَ السحاباتِ الهاربة عبر سمائي