حورية أبو سير

1420-1369هـ 1999-1949م

سيرة الشاعر:

حورية مصطفى حسين أبو سير.
ولدت في عمّان - وتوفيت فيها.
عاشت في الأردن والإمارات العربية المتحدة.
تلقت تعليمًا نظاميًا، فدرست مرحلتيها الابتدائية والمتوسطة في مدرسة الباعونية بجبل اللويبدة (عمّان)، وأنهت تعليمها الثانوي بمدرسة الأميرة عالية، ثم التحقت بقسم اللغة العربية بكلية الآداب - الجامعة الأردنية (1969) وتخرجت فيها (1973).
عملت معلمة للغة العربية في مدارس دولة الإمارات العربية المتحدة (1975)، وعادت إلى عمّان (1997).

الإنتاج الشعري:
- لها قصائد نشرتها صحف ومجلات ودوريات عصرها، منها: «وراء الحائط الباكي» - الرابطة الثقافية - ملحق يصدر عن عمّان المساء - عمّان - 1 من مارس 1975، ولها ديوان بعنوان «وراء الحائط الباكي» - مخطوط.
شاعرة وجدانية مُقلّة، ينتمي شعرها شكلاً إلى اتجاه شعر التفعيلة باتباع الوزن ونظام الأسطر الشعرية، عبرت فيها عن مشاعرها، وعواطفها، وغربتها، معتمدة فيه تقنيات الرمز والصورة المركبة والسرد الشعري في بناء القصيدة.

مصادر الدراسة:
- لقاء أجراه الباحث تحسين بدير مع أسرة المترجم لها - عمان 2004.

من قصيدة: وراء الحائط الباكي

وراء الحائط الباكي،
وقفنا اثنينْ
وفي الأعماق ينزفُ جرحْ
وأقفرَ دربنا المهجورْ
سأسفح فيكَ أشواقي،
وأزرع حبِّيَ المجنونْ
لُهاثًا في غياهب صدركَ المحروقْ
أحبكَ أنتَ لا أخجلْ
صديقي! أنتَ لا تذهلْ
فقد حطَّمتُ أطواقي
وهذا اليوم، لا حدٌّ ولا قيدُ
فقد حطَّمت أطواقي
جراحي لا أداويها
أدلِّلها ودمعَ العين أسقيها
وأُطعمها مزيدًا من لهيب الشوق في صدري
لعمري! كيف أنساها
فقد كانت لنا أيامْ
كعمر الورد كالأحلامْ
أجلْ! كانت لنا أيامْ
وراء الحائط الباكي
تركتُ اليوم عنواني
وأشيائي
وبعضًا من لهيب الشوقِ والعطرِ
وراء الحائط الباكي
أودِّع ظِلَّ أوطاني
ولمسةَ كفِّكَ الباردْ
تذكِّرني
بطعن خناجر الأمسِ
وطعم خناجر الماضي
وألمح ظلَّ ماضينا
يقيِّدني
وأذكر كيف ضعنا خلف أبواب المدينه
فؤادينِ شريدينِ
وحين أودِّع الأيامْ
وأذكرها
أحاول أن ألملمها وأجمعها
أخبِّئها بكفيِّكِ
أعيش ضياعَنا اللازالْ
ضياعَ الأهل والوطنِ
فؤادينِ شريدينِ

الغربة العمياء

أنا في الغربة العمياءْ
حقولُ النِّفط ما غرقَتْ بها
أذنايْ
ولا كفّاي غاليَتي
ولا غيّرتُ طعمَ الزيت في شفتي
يظلُّ طعاميَ المحبوبْ
رغيفين مع الزيتونِ
والزعترْ
أنا في الغربة العمياءْ
وحولي الناس كالأشياءْ
قد تكبرْ وقد تصغرْ
وقد تتبدّل الأشياءْ
وقلبي دائمًا يكبرْ
فصار نهاريَ الأطولْ
وصار البدر طول الليلِ
لا يخفى ولا يظهرْ
أنا ما زلتُ غاليتي
رضيعَ المسك والعنبرْ
فكوني أنت
إذا ما شمئت لا ئمتي
فلستُ أميرَ ديواني
يقيم الدولةَ الدولهْ
ويخطب عبر حَنجرتي
ليُسمع للدُّنا قولهْ
وقد يرمي إذا ما شاء كلَّ دقيقةٍ بدلَهْ
وأقضي العمر في بدلهْ
وقد تتغيَّر الأقدارُ من حولي
وما غيَّرت أشيائي
ولا غيَّرتُ ميعادي وعنواني
وهاكِ هويتي إن شئتِ، ملقاةٌ على الأرضِ
ومنقوشٌ بها إسمي
على جذعٍ من الزيتونْ
على التلاَّتِ في القدسِ
وتحت عيون نابُلْسِ
بطول الأرض صاحبتي
بطول الساحل الأزرقْ
بها يغرقْ ولا تغرقْ
تظل تشعّ من عينيكِ غاليتي
كوهْج الشمس والنورِ
كزخّات من القدرِ
على قدري

من قصيدة: سكن الحب

سكن الحبُّ بعينيكَ
رسا في شاطئيها نجمُ صيفْ
وتلاشى ألف حلمٍ دافئٍ أخضرَ
ما زال خريفيَّ الظلالْ
يا حبيبي
كحَّل الليلُ عيوني بالسهرْ
وفؤادي
جرحُ موّالٍ تعثَّرْ
حين أنَّ النايُ واهتزَّ الوترْ
يا حبيبي
سوف تنمو من جديدٍ
غابة الأرزْ
سوف يغفو الليل في أحضان لوزْ
سوف نمحو عن جبين الليل آياتِ الكدرْ
يا حبيبي لا تسل أين القمرْ؟
حين نام الليل والفجر معًا
نزل البدرُ إلى الحوض جريئًا مسرعا
كان ما يُسقاه دمعا
كان ما يُسقاه ماءً ودما
حينما عاد لليلٍ ونجومٍ ومطرْ
قال بعض الناس في المقهى انتحرْ
يا حبيبي لاتسلْ أين القمرْ؟