حسن بيومي

1426-1355هـ 2005-1936م

سيرة الشاعر:

حسن بيومي حسن.
ولد في قرية كفر جزرة (محافظة الجيزة) وتوفي في القاهرة.
عاش في مصر.
تعلم في مدارس قريته، ثم التحق بمعهد المعلمين وتخرج فيه (1958)، وواصل دراسته منتسبًا إلى كلية التربية جامعة عين شمس وحصل على دبلوم الدراسات التربوية.
عمل معلمًا بمدرسة كفر جزرة حتى أبعد عن التدريس (1958) بسبب آرائه السياسية، وأحيل للعمل عضوًا فنيّاً في توجيه التعليم الابتدائي حتى تقاعده (1993).
كان عضو اتحاد كتاب مصر، وعضوًا مؤسسًا بالحزب اليساري المصري.
اعتقل قرابة سبع سنوات لانتسابه إلى الحزب اليساري.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان بعنوان «مذكرات شاهد عيان» - دار الطباعة الحديثة - القاهرة 1970.
شاعر طليعي مجدد، يتخذ البناء التفعيلي شكلاً لقصائده، عينه على مجتمعه يصف مشاعره الخاصة، ويعبر عن سأمه وفقره ومعاناته اليومية بين الهم الخاص والهم السياسي العام وهم الوطن المحتل. يعتمد في شعره بنية الحوار والوصف السردي وتقسيم القصيدة إلى مقاطع قصيرة نسبيًا، ويلتقط فيها لحظات إنسانية برؤية فاحصة ينتقل بها من عالمها الواقعي إلى عالم فلسفي شعري في بساطة وعمق متزاوجين، يبدو في شعره بعض التأثر بالشاعر التفعيلي أمل دنقل خاصة في مشاهد المفارقة بين عودة الجندي ممزق الكتف إلى وطنه وحال السقوط للفتيان والفتيات.

مصادر الدراسة:
1 - الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)
2 - الدوريات: أحمد رجب: حسين بيومي - بطل المعركة الأخيرة - مجلة الحوار المتمدن - بيروت - 1 من سبتمبر 2005.

أغنيةٌ له

سمعتُ عنه في الحكايا عندما كنتُ صبيّا
وجدّتي تحكي وإخوتي يسائلونْ
«لو كان لي صلابةُ الجناحِ
حدَّةُ البصرْ»
وعندما كبرتْ
ونبتَتْ صبّارةُ الأحزان في الضلوعْ
عرفتُ أنّه يحبُّ البحرَ يعشقُ الصَّحارى
وأنه في القنصِ لا يبارَى
فكان همِّي أن أراهْ
شوقٌ إلى الآفاق خفقةُ النجومِ والقمرْ
وعالمٌ تموتُ في عيونه القيودُ تختفي
في وجهه الحُفَرْ
يؤرِّقُ الفؤادْ
كان صديقي مثلَه وغادرَ الدِّيارْ
وغاب ثم غاب ثم غابْ
وجاء في الجبينِ يلمعُ الغبارْ
وفي العيون آهْ
وصاح عندما رآني بعد قُبلةِ اللقاءْ
أعشقُ الحريَّهْ
وها أنا كما ترى ممزَّقُ الكتفْ
وإنّما
في الصدرِ نَسرٌ عن هواه لا يكفْ
ودائمًا رغم الرياح في سفرْ
ودار صاحبي ليعبرَ الميدانْ
العرباتُ الفارهاتُ تزحمُ المكانْ
نداءُ بائعٍ يرنُّ في الآذانْ
وخفقةُ «النّيون» في الإعلانِ تخطفُ البصرْ
«وفتيةٌ» يصفقّون خلف أنثى تعرضُ الساقيَنْ
وغاب عنّي صاحبي في زحمةِ البشرْ
كأنّما الضباب غطّى وجهَ صاحبي القمرْ
أمّا أنا
فكلَّ ساعةٍ أشاهدُ الصُّورْ
أراه مرسومًا على طوابعِ البريدْ
في دفاترِ التوفير في الشيكاتْ
وخائفًا يقفْ
في قطعِ النَّقد وفي أغلفةِ الدفاترْ
أراه في بطاقتي الشخصيهْ
كأنّه وجهُ صديقٍ مات في سيناءْ
ينكرني،
يَفْرَقُ من وجهي
يريدُ أن يمزّق الصورْ
ما زلت كلَّ ساعةٍ أشاهد الصورهْ
مصلوبةً على جدارِ الصَّمت مقهورهْ
حلمي القديمُ أن أراهْ
محلِّقًا وناشرَ الجناح في شعاعِ شمسِنا الفتيّهْ
ولو يمزِّقُ الضلوعَ
يشرب الدماءَ
يعلك الأشلاءْ
إن لم يُجلجل صوتُه في ضجَّة المدينةِ الخرساءْ
أفرُّ من شوقي إليهِ
من عاري
وأسكن الصحراءْ

من أنت؟

أتثاءبُ أنهضُ من فوقِ سريري
مهدودَ الأوصالْ
لا أذكرُ ماذا كان بليلٍ طالْ
بَرِمًا أغلقُ بابَ الشقَّةِ بالمفتاحْ
أتلفَّتُ في الشّارعِ وكأنِّي أبحثُ عن شيءٍ ضاعْ
وأطأطئُ رأسي
أغمضُ عينيَّ
أزمُّ الشّفتينْ
وصباحُ الخير صباحُ النور وكيفَ الحالْ
أرسمُ فوق الشّفتين علامةَ ترحابْ
أتخاطبُ والأصحابْ
في أخبارِ الكرةِ وفي تمثيلياتِ المذياعْ
يجرفُني تيارُ السّأم الملعونْ!
- البقّال وليس لديه التموينْ
- وحذائي أصبح ميؤوسًا منه
- والمالُ قليلْ
- لا توجد عند الخضريِّ طماطمُ
ماذا نأكلْ؟
أنجوعْ!
وسمعت الأخبارَ من المذياعِ اليومْ
«الأعداءُ يدكُّون المدنَ لكي يحني الوطنُ جبينَهْ»
قلبي دقَّ ورأسي اهتزَّ
اشتعلت في وجهي العينانْ
بركانٌ في صدري ثار يدمدمُ في الشَّريانْ
«نحن فداؤك يا وطني»
المرأةُ والشيخُ وحتى الأطفالْ
في الشارع لم أسمع إنسانًا يتكلَّم عن شيءٍ ضاعْ
يا وطني
أبقلبي هذا الحبُّ ولم أعرفْ
معذرةً يا وطني إن كنت نسيتْ
في زحمةِ أشياءٍ صُغرى
مَن أنتْ

من قصيدة: الوردة والزئبق

نتوهَّجُ إنْ قابلَ كلٌّ منا الآخرْ
يرتعشُ القلبانِ نمدُّ الكفّينْ
ونودُّ لوِ احتضن العالَمُ جسمينا المقرورينْ
لكنَّ
الخوفْ
أم أنَّ الهربَ من الحبِّ إذا صار الحبُّ حقيقه
وذراعين ارتجفا في لهفهْ
وعيونًا تتألق في الظلمهْ
وشفاهًا تندى بالرحمهْ
وتُعرِّينا
روحين أليفينِ
بدنينِ اصطخبا في رجفهْ
يجعلنا نتألَّمُ شوقًا للغربهْ